" لمساكين " قيل كانت لعشرة إخوة خمسة منهم زمنى وخمسة يعملون في البحر " وراءهم " أمامهم كقوله تعالى : " من ورائهم برزخ " المؤمنون : 100 ، وقيل : خلفهم وكان طريقهم في رجوعهم عليه وما كان عندهم خبره فأعلم الله به الخضر وهو جلندي . فإن قلت : قوله : " فأردت أن أعيبها " مسبب عن خوف الغصب عليها فكان حقه أن يتأخر عن السبب فلم قدم عليه ؟ قلت : النية به التأخير وإنما قدم للعناية ولأن خوف الغصب ليس هو السبب وحده ولكن مع كونها للمساكين فكان بمنزلة قولك : زيد ظني مقيم . وقيل في قراءة أبي وعبد الله : كل سفينة صالحة .
" وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربهما أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " .
وقرأ الجحدري : " وكان أبواه مؤمنان على أن كان فيه ضمير الشأن " فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا " فخفنا أن يغشى الوالدين المؤمنين طغيانا عليهما وكفرا لنعمتهما بعقوقه وسوء صنيعه ويلحق بهما شرا وبلاء أو يقرن بإيمانهما طغيانه وكفره فيجتمع في بيت واحد مؤمنان وطاغ كافر . أو يعديهما بدائه ويضلهما بضلاله فيرتدا بسببه ويطغيا ويكفرا بعد الإيمان وإننا خشي الخضر منه ذلك لأن الله تعالى أعلمه بحاله وأطلعه على سر أمره . وأمره إياه بقتله كاحترامه لمفسدة عرفها في حياته . وفي قراءة أبي : فخاف ربك والمعنى : فكره ربك كراهة من خاف سوء عاقبة الأمر فغيره . ويجوز أن يكون قوله " فخشينا " حكاية لقول الله تعالى بمعنى : فكرهنا كقوله " لأهب لك " مريم : 19 ، . وقرئ : يبدلهما بالتشديد . والزكاة : الطهارة والنقاء من الذنوب . والرحم : الرحمة والعطف . وروي أنه ولدت لهما جارية نزوجها نبي فولدت نبيا هدى الله على يديه أمة من الأمم . وقيل ولدت سبعين نبيا . وقيل : أبدلهما ابنا مؤمنا مثلهما . قيل اسما الغلامين : أصرم وصريم . والغلام المقتول : اسمه الحسين . واختلف في الكنز فقيل : مال مدفون من ذهب وفضة . وقيل : لوح من ذهب مكتوب فيه : عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل . وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها . لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وقيل : صحف فيها علم . والظاهر لإطلاقه : أنه مال . وعن قتادة : أحل الكنز لمن قبلنا وحرم علينا وحرمت الغنيمة عليهم وأحلت لنا : أراد قوله تعالى : " والذين يكنزون الذهب والفضة " التوبة : 34 ، " كان أبوهما صالحا " اعتداد بصلاح أبيهما وحفظ لحقه فيهما . وعن جعفر بن محمد الصادق : كان بين الغلامين وبين الأب الذي حفظا فيه سبعة آباء . وعن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما أنه قال لبعض الخوارج في كلام جرى بينهما : بم حفظ الله الغلامين ؟ قال : بصلاح أبيهما . قال : فأبي وجدي خير منه . فقال : قد أنبأنا الله أنكم قوم خصمون " رحمة " مفعول له . أو مصدر منصوب بأراد ربك لأنه في معنى رحمهما " وما فعلته " وما فعلت ما رأيت " عن أمري " عن اجتهادي ورأي وإنما فعلته بأمر الله .
" ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمأة ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا "