" بعدها " بعد هذه الكرة أو المسألة " فلا تصاحبني " فلا تقاربني وإن طلبت صحبتك فلا تتابعني على ذلك . وقرئ : فلا تصحبني فلا تكن صاحبي . وقرئ : فلا تصحبني أي فلا تصحبني إياك ولا تجعلني صاحبك " من لدني عذرا " قد أعذرت . وقرئ : لدني بتخفيف النون ولدني بسكون الدال وكسر النون كقولهم في عضد : عضد . وعن رسول الله A : " إرحم الله أخي موسى استحيا فقال ذلك " وقال : " رحمة الله علينا وعلى أخي موسى لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب " .
" فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا " .
" أهل قرية " هي إنطاكية . وقيل : الأبلة وهي أبعد أرض الله من السماء " أن يضيفوهما " . وقرئ : يضيفوهما يقال : ضافه إذا كان له ضيفا . وحقيقته : مال إليه من ضاف السهم عن الغرض ونظيره : زاره من الازورار . وأضافه وضيفه : أنزله وجعله ضيفه وعن النبي A : " كانوا أهل قرية لئاما " . وقيل : شر القرى التي لا يضاف الضيف فيها ولا يعرف لابن السبيل حقه " يريد أن ينقض " استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة كما استعير الهم والعزم لذلك . قال الراعي : .
في مهمه قلقت به هاماتها ... قلق الفؤوس إذا أردن نصولا " .
وقال : .
يريد الرمح صدر أبي براء ... ويعدل عن دماء بني عقيل .
وقال حسان : .
إن دهرا يلف شملي بجمل ... لزمان يهم بالإحسان .
وسمعت من يقول : عزم السراج أن يطفأ وطلب أن يطفأ . وإذا كان القول والنطق والشكاية والصدق والكذب والسكوت والتمرد والإباء والعزة والطواعية وغير ذلك مستعار للجماد ولما لا يعقل فما بال الإرادة ؟ قال : .
إذا قالت الأنساع للبطن الحق .
تقول سني للنواة طني .
لا ينطق اللهو حتى ينطق العود .
وشكا إلي بعبرة وتحمحم .
فإن يكن ظني صادقا وهو صادقي .
" ولما سكت عن موسى الغضب " الأعراف : 154 ، : .
تمرد مارد وعز الأبلق .
ولبعضهم : .
يأبى على أجفانه إغفاءه ... هم إذا انقاد الهموم تمردا .
أبت الروادف والثدي لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا .
" قالتا أتينا طائعين " فصلت : 11 ، ولقد بلغني أن بعض المحرفين لكلام الله تعالى ممن لا يعلم كان يجعل الضمير للخضر لأن ما كان فيه من آفة الجهل وسقم الفهم أراه أعلى الكلام طبقة أدناه منزلة فتمحل ليرده إلى ما هو عنده أصح وأفصح وعنده أن ما كان أبعد من المجاز كان أدخل في الإعجاز . وانقض : إذا أسرع سقوطه من انقضاض الطائر وهو انفعل مطاوع قضضته . وقيل : افعل من النقض كأحمر من الحمرة . وقرئ : أن ينقض من النقض وأن ينقاص من انقاصت السن إذا انشقت طولا قال ذو الرقة : .
.........منقاص ومنكثب .
بالصاد غير معجمة " فأقامه " قيل : أقامه بيده . وقيل : مسحه بيده فقام واستوى . وقيل : أقامه بعمود عمده به . وقيل : نقضه وبناه . وقيل : كان طول الجدار في السماء مائة ذراع كانت الحال حال اضطرار وافتقار إلى المطعم ولقد لزمتهما الحاجة إلى آخر كسب المرء وهو المسألة فلم يجدا مواسيا فلما أقام الجدار لم يتمالك موسى لما رأى من الحرمان ومساس الحاجة أن " قال لو شئت لتخذن عليه أجرا " وطلبت على عملك جعلا حتى ننتعش ونستدفع به الضرورة وقرئ : لتخذت والتاء في تخذ أصل كما في تبع واتخذ افتعل منه كاتبع من تبع وليس من الأخذ في شيء .
" قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " .
فإن قلت : " هذا " إشارة إلى ماذا ؟ قلت : قد تصور فراق بينهما عند حلول ميعاد على ما قال موسى عليه السلام : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني فأشار إليه وجعله مبتدأ وأخبر عنه كما تقول : هذا أخوك فلا يكون هذا إشارة إلى غير الأخ ويجوز أن يكون إشارة إلى السؤال الثالث أي : هذا الاعتراض سبب الفراق والأصل هذا فراق بيني وبينك . وقد قرأ به ابن أبي عبلة فأضيف المصدر إلى الظرف كما يضاف إلى المفعول به .
" أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا "