قرئ كما تقولون بالتاء والياء . و " إذا " دالة على أن ما بعدها وهو " لابتغوا " جواب عن مقالة المشركين وجزاء ل " لو " ومعنى " لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا " لطلبوا إلى من له الملك والربوبية سبيلا بالمغالبة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض كقوله " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " الأنبياء : 22 ، وقيل : لتقربوا إليه كقوله " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة " الإسراء : 57 ، " علوا " في معنى تعاليا . والمراد البراءة عن ذلك والنزاهة . ومعنى وصف العلو بالكبر : المبالغة في معنى البراءة والبعد مما وصفوه به .
" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا " .
والمراد أنها تسبح له بلسان الحال حيث تدل على الصانع وعلى قدرته وحكمته فكأنها تنطق بذلك وكأنها تنزه الله D مما لا يجوز عليه من الشركاء وغيرها . فإن قلت : فما تصنع بقوله " ولكن لا تفقهون تسبيحهم " وهذا التسبيح مفقوه معلوم ؟ قلت : الخطاب للمشركين وهم وإن كانوا إذا سئلوا عن خالق السموات والأرض قالوا : الله ؟ إلا أنهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا لأن نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه فإذا لم يفقهوا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق . فإن قلت : من فيهن يسبحون على الحقيقة وهم الملائكة والثقلان وقد عطفوا على السموات والأرض فما وجهه ؟ قلت : التسبيح المجازي حاصل في الجميع فوجب الحمل عليه وإلا كانت الكلمة الواحدة في حالة واحدة محمولة على الحقيقة والمجاز " إنه كان حليما غفورا " حين لا يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وسوء نظركم وجهلكم بالتسبيح وشرككم .
" وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على إبراهيم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " .
" حجابا مستورا " ذا ستر كقولهم . سيل مفعم ذو إفعام . وقيل : هو حجاب لا يرى فهو مستور . ويجوز أن يراد أنه حجاب من دونه حجاب أو حجب فهو مستور بغيره . أو حجاب يستر أن يبصر فكيف يبصر المحتجب به وهذه حكاية لما كانوا يقولونه " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب " فصلت : 5 ، كأنه قال : وإذا قرأت القرآن جعلنا على زعمهم " أن يفقهوه " كراهة أن يفقهوه . أو لأن قوله " وجعلنا على قلوبهم أكنة " فيه معنى المنع من الفقه فكأنه قيل : ومنعناهم أن يفقهوه . يقال : وحد يحد وحدا وحدة نحو وعد يعد وعدا وعدة و " وحده " من باب رجع عوده على بدئه وافعله جهدك وطاقتك في أنه مصدر ساد مسد الحال أصله : يحد وحده بمعنى واحدا وحده . والنفور : مصدر بمعنى التولية . أو جمع نافر كقاعد وقعود أي : يحبون أن تذكر معه ألهتهم لأنهم مشركون فإذا سمعوا بالتوحيد نفروا " بما يستمعون به " من الهزؤ بك وبالقرآن ومن اللغو : كان يقوم عن يمينه إذا قرأ رجلان من عبد الدار ورجلان منهم عن يساره فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار . و " به " في موضع الحال كما تقول يستمعون بالهز أي هازئين . و " إذ يستمعون " نصب بأعلم أي : أعلم وقت استماعهم بما به يستمعون " وإذ هم نجوى " وبما يتناجون به إذ هم ذوو نجوى " إذ يقول " بدل من إذ هم " مسحورا " سحر فجن . وقيل : هو من السحر وهو الرئة أي : هو بشر مثلكم " ضربوا لك الأمثال " مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون " فضلوا " في جميع ذلك ضلال من يطلب في التيه طريقا يسلكه فلا يقدر عليه فهو متحير في أمره لا يدري ما يصنع .
" وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا "