قتلهم أولادهم : هو وأدهم بناتهم كانوا يئدونهن خشية الفاقة وهي الإملاق فنهاهم الله وضمن لهم أرزاقهم . وقرئ خشية بكسر الخاء . وقرئ : خطأ وهو الإثم . يقال : خطيء خطأ كأثم إثما وخطأ وهو ضد الصواب اسم من أخطأ . وقيل والخطأ كالحذر والحذر وخطاء بالكسر والمد . وخطاء بالفتح والمد . وخطأ بالفتح والسكون . وعن الحسن : خطأ بالفتح وحذف الهمزة كالخب . وعن أبي رجاء : بكسر الخاء غير مهموز .
" ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا " .
" فاحشة " قبيحة زائدة على حد القبح " وساء سبيلا " وبئس طريقا طريقة وهو أن تغصب على غيرك امرأته أو أخته أو بنته من غير سبب والسبب ممكن وهو الصهر الذي شرعه الله .
" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا " .
" إلا بالحق " إلا بإحدى ثلاث : إلا بأن تكفر أو تقتل مؤمنا عمدا أو تزني بعد إحصان . " مظلوما " غير راكب واحدة منهن " لوليه " الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه " سلطانا " تسلطا على القاتل في الاقتصاص منه . أو حجة يثب بها عليه " فلا يسرف " الضمير للولي . أي : فلا يقتل غير القاتل ولا اثنين والقاتل واحد كعادة الجاهلية : كان إذا قتل منهم واحد قتلوا به جماعة حتى قال مهلهل حين قتل بجير بن الحارث بن عباد : بؤ بشسع نعل كليب وقال : .
كل قتيل في كليب غره ... حتى ينال القتل آل مره .
وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن بواء . وقيل : الإسراف المثلة . وقرأ أبو مسلم صاحب الدولة : فلا يسرف بالرفع على أنه خبر في معنى الأمر . وفيه مبالغة ليست في الأمر . وعن مجاهد : أن الضمير للقاتل الأول . وقرئ : فلا تسرف على خطاب الولي أو قاتل المظلوم . وفي قراءة أبي فلا تسرفوا رده على : ولا تقتلوا " إنه كان منصورا " الضمير إما للولي يعني حسبه أن الله قد نصره بأن أوجب له القصاص فلا يستزد على ذلك وبأن الله قد نصره بمعونة السلطان وبإظهار المؤمنين على استيفاء الحق فلا يبغ ما وراء حقه . وأما للمظلوم لأن الله ناصره وحيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب . وإما الذي يقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف .
" ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا " .
" إلا بالتي هي أحسن " بالخصلة أو الطريقة التي هي أحسن وهي حفظه عليه وتثميره " إن العهد كان مسؤولا " أي مطلوبا يطلب من المعاهد أن لا يضيعه ويفي به ويجوز أن يكون تخييلا كأنه يقال للعهد : لم نكثت ؟ وهلا وفي بك ؟ تبكيتا للناكث كما يقال للموؤدة : بأي ذنب قتلت ؟ ويجوز أن يراد أن صاحب العهد كان مسئولا .
" وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا " .
وقرئ بالقسطاس بالضم والكسر وهو القرسطون . وقيل : كل ميزان صغر أو كبر من موازين الدراهم وغيرها " وأحسن تأويلا " وأحسن عاقبة وهو تفعيل من آل إذا رجع وهو ما يؤول إليه .
" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنهم مسؤولا " .
" ولا تقف " ولا تتبع . وقرئ ولا تقف . يقال : قفا أثره وقافه ومنه : القافة يعني : ولا تكن في اتباعك ما لا علم لك به من قول أو فعل كمن يتبع مسلكا لا يدري أنه يوصله إلى مقصده فهو ضال . والمراد : النهي عن أن يقول الرجل ما لا يعلم وأن يعمل بما لا يعلم ويدخل فيه النهي عن التقليد دخولا ظاهرا . لأنه اتباع لما لا يعلم صحته من فساده . وعن ابن الحنفية : شهادة الزور وعن الحسن : لا تقف أخاك المسلم إذا مر بك فتقول : هذا يفعل كذا ورأيته يفعل وسمعته ولم تر ولم تسمع . وقيل : القفو شبيه بالعضيهة ومنه الحديث : " من قفى مؤمنا بما ليس فيه حبسه الله في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج " وأنشد : .
ومثل الدمى شم العرانين ساكن ... بهن الحياء لا يشعن التقافيا .
أي التقاذف . وقال الكميت : .
ولا أرمي البري بغير ذنب ... ولا أقفو الحواصن إن قفينا .
وقد استدل به مبطل الاجتهاد ولم يصح لأن ذلك نوع من العلم فقد أقام الشرع غالب الظن مقام الحلم وأمر بالعمل به " أولئك " إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد كقوله :