وقال رجل لرسول الله A : إن أبوي بلغا من الكبر أني ألي منهما ما وليا مني في الصغر فهل قضيتهما ؟ قال : لا فإنهما كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما .
وشكا رجل إلى رسول الله أباه وأنه يأخذ ماله فدعا به فإذا شيخ يتوكأ على عصا فسأله فقال : إنه كان ضعيفا وأنا قوي وفقيرا وأنا غني فكنت لا أمنعه شيئا من مالي واليوم أنا ضعيف وهو قوي وأنا فقير وهو غني ويبخل علي بماله فبكى رسول الله A وقال : ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى ثم قال للولد : أنت ومالك لأبيك أنت ومالك لأبيك .
وشكا إليه آخر سوء خلق أمه فقال : لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر ؟ قال : إنها سيئة الخلق . قال : لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين ؟ قال : إنها سيئة الخلق . قال : لم تكن كذلك حين أسهرت لك ليلها وأظمأت نهارها ؟ قال : لقد جازيتها . قال : ما فعلت ؟ قال : حججت بها على عاتقي . قال : ما جزيتها ولو طلقة . وعن ابن عمر أنه رأى رجلا في الطواف يحمل أمه ويقول : .
إني لها مطية لا تذعر ... إذا الركاب نفرت لا تنفر .
ما حملتني وأرضعتني أكثر ... الله ربي ذو الجلال الأكبر .
ثم قال تظنني جازيتها يا ابن عمر ؟ قال : لا ولو زفرة واحدة وعنه E : " إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة توجد ريحها من مسيرة ألف عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جار إزاره خيلاء إن الكبرياء لله رب العالمين " .
وقال الفقهاء : لا يذهب بأبيه إلى البيعة وإذا بعث إليه منها ليحمله فعل ولا يناوله الخمر . ويأخذ الإناء منه إذا شربها وعن أبي يوسف : إذا أمره أن يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير أوقد . وعن حذيفة : أنه استأذن النبي A في قتل أبيه وهو في صف المشركين فقال : دعه يليه غيرك . وسئل الفضيل بن عياض عن بر الوالدين فقال : أن لا تقوم إلى خدمتهما عن كسل . وسئل بعضهم فقال : أن لا ترفع صوتك عليهما ولا تنظر شزرا إليهما ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن وأن تترحم عليهما ما عاشا وتدعو لهما إذا ماتا وتقوم بخدمة أودائهما من بعدهما . فعن النبي A .
" إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه " .
" ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا " .
" بما في نفوسكم " بما في ضمائركم من قصد البر إلى الوالدين واعتقاد ما يجب لهما من التوقير " إن تكونوا صالحين " قاصدين الصلاح والبر ثم فرطت منكم في حال الغضب وعند حرج الصدر وما لا يخلو منه البشر أو لحمية الإسلام هنة تؤدي إلى أذاهما ثم أنبتم إلى الله واستغفرتم منها فإن الله غفور " للأوابين " للتوابين . وعن سعيد بن جبير : هي في البادرة تكون من الرجل إلى أبيه لا يريد بذلك إلا الخير . وعن سعيد بن المسيب : الأواب الرجل كلما أذنب بادر بالتوبة . ويجوز أن يكون هذا عاما لكل من فرطت منه جناية ثم تاب منها ويندرج تحته الجاني على أبويه التائب من جنايته لوروده على أثره .
" وآت ذا القربىحقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا " .
" وآت ذا القربى حقه " وصى بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما وأن يؤتوا حقهم : وحقهم إذا كانوا محارم كالأبوين والولد وفقراء عاجزين عن الكسب وكان الرجل موسرا : أن ينفق عليهم عند أبي حنيفة . والشافعي لا يرى النفقة إلا على الولد والوالدين فحسب . وإن كانوا مياسير أو لم يكونوا محارم : كأبناء العم فحقهم صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء والمعاضدة ونحو ذلك " والمسكين وابن السبيل " يعني وآت هؤلاء حقهم من الزكاة وهذا دليل على أن المراد بما يؤتي ذوي القرابة من الحق : هو تعهدهم بالمال . وقيل : أراد بذي القربى أقرباء رسول الله A