" ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والأوصال " .
" ولله يسجد " أي ينقادون لإحداث ما أراده فيهم من أفعاله شاؤا أو أبوا . لا يقدرون أن يمتنعوا عليه وتنقاد له " ظلالهم " أيضا حيث تتصرف على مشيئته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال . وقرئ : بالغدو والإيصال من آصلوا : إذا دخلوا في الأصيل .
" قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل عل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار " .
" قل الله " حكاية لاعترافهم وتأكيد له عليهم لأنه إذا قال لهم : من رب السموات والأرض لم يكن لهم بد من أن يقولوا الله . كقوله : " قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله " المؤمنون : 86 ، وهذا كما يقول المناظر لصاحبه : أهذا قولك فإذا قال : هذا قولي قال : هذا قولك فيحكي إقراره تقريرا له عليه واستيثاقا منه ثم يقول له : فيلزمك على هذا القول كيت وكيت . ويجوز أن يكون تلقينا أي : إن كعوا عن الجواب فلقنهم فإنهم يتلقنونه ولا يقدرون أن ينكروه " أفاتخذتم من دونه أولياء " أبعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد من علمكم وإقراركم سبب الإشراك " لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا " لا يستطيعون لأنفسهم أن ينفعوها أو يدفعوا عنها ضررا فكيف يستطيعونه لغيرهم وقد آثرتموهم على الخالق الرازق المثيب المعاقب فما أبين ضلالتكم ! .
" أم جعلوا " بل اجعلوا . ومعنى الهمزة الإنكار و " خلقوا " صفة لشركاء يعني أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله " فتشابه " عليهم خلق الله وخلقهم حتى يقولوا : قدر هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه فاستحقوا العبادة فنتخذهم له شركاء ونعبدهم كما يعبد إذ لا فرق بين خالق وخالق ولكنهم اتخذوا له شركاه عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلا أن يقدروا على ما يقدر عليه الخالق " قل الله خالق كل شيء " لا خالق غير الله ولا يستقيم أن يكون له شريك في الخلق فلا يكون له شريك في العبادة " وهو الواحد " المتوحد بالربوبية " القهار " لا يغالب وما عداه مربوب ومقهور .
" أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال "