أن اليهود سألت النبي A عن الرعد ما هو ؟ فقال : " ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب " وعن الحسن : خلق من خلق الله ليس بملك . ومن بدع المتصوفة . الرعد صعقات الملائكة والبرق زفرات أفئدتهم والمطر بكاؤهم " والملائكة من خيفته " ويسبح الملائكة من هيبته وإجلاله ذكر علمه النافذ في كل شيء واستواء الظاهر والخفي عنده وما دل على قدرته الباهرة ووحدانيته ثم قال " وهم " يعني الذين كفرا وكذبوا رسول الله وأنكروا آياته " يجادلون في الله " حيث ينكرون على رسوله ما يصفه به من القدرة على البعث وإعادة الخلائق بقوله " من يحيى العظام وهي رميم " ياسين : 78 ، ويردون الوحدانية باتخاذ الشركاء والأنداد ويجعلونه بعض الأجسام المتوالدة بقولهم " الملائكة بنات الله " فهذا جدالهم بالباطل كقوله " وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق " غافر : 15 ، وقيل : الواو للحال . أي : فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم . وذلك : أن أربد أخا لبيد بن ربيعة العامري قال لرسول الله A حين وفد عليه مع عامر بن الطفيل قاصدين لقتله فرمى الله عامرا بغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية وأرسل على أربد صاعقة فقتلته أخبرنا عن ربنا أمن نحاس هو أم من حديد ؟ " المحال " المماحلة وهي شدة المماكرة والمكايدة . ومنه : تمحل لكذا إذا تكلف استعمال الحيلة واجتهد فيه ومحل بفلان إذا كاده وسعى به إلى السلطان . ومنه الحديث : " ولا تجعله علينا ما حلا مصدقا " وقال الأعشى : .
فرع نبع يهش في غصن المج ... د غزير الندى شديد المحال .
والمعنى أنه شديد المكر والكيد لأعدائه يأتيهم بالهلكة من حيث لا يحتسبون . وقرأ الأعرج بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول محالا إذا احتال . ومنه : أحول من ذئب أي أشد حيلة . ويجوز أن يكون المعنى : شديد الفقار ويكون مثلا في القوة والقدرة كما جاء : فساعد الله أشد وموساه أحد لأن الحيوان إذا اشتد محاله كان منعوتا بشدة القوة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره . ألا ترى إلى قولهم : فقرته الفواقر ؟ وذلك أن الفقار عمود الظهر وقوامه .
" له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " .
" دعوة الحق " فيه وجهان أحدهما : أن تضاف الدعوة إلى الحق الذي هو نقيض الباطل كما تضاف الكلمة إليه في قولك : كلمة الحق للدلالة على أن الدعوة ملابسة للحق مختصة به وأنها بمعزل من الباطل . والمعنى أن الله سبحانه يدعى فيستجيب الدعوة ويعطي الداعي سؤاله إن كان مصلحة له فكانت دعوة ملابسة للحق لكونه حقيقا بأن يوجه إليه الدعاء لما في دعوته من الجدوى والنفع بخلاف ما لا ينفع ولا يجدي دعاؤه . والثاني : أن تضاف إلى الحق الذي هو الله عز وعلا على معنى : دعوة المدعو الحق الذي يسمع فيجيب . وعن الحسن : الحق هو الله وكل دعاء إليه دعوة الحق . فإن قلت : ما وجه اتصال هذين الوصفين بما قبله ؟ قلت أما على قصة أربد فظاهر لأن إصابته بالصاعقة محال من الله ومكر به من حيث لم يشعر . وقد دعا رسول الله A عليه وعلى صاحبه بقوله : " اللهم اخسفهما بما شئت فأجيب فيهما فكانت الدعوة دعوة حق . وأما على الأول فوعيد للكفرة على مجادلتهم رسول الله بحلول محاله بهم وإجابة دعوة رسول الله A أن دعا عليهم فيهم " والذين يدعون " والآلهة الذين يدعوهم الكفار " من " دون الله " لا يستجيبون لهم بشيء " من طلباتهم " إلا كباسط كفيه " إلا استجابة كاستجابة باسط كفيه أي كاستجابة الماء من بسط كفيه إليه يطلب منه أن يبلغ فاه والماء جماد لا يشعر ببسط كفيه ولا بعطشه وحاجته إليه ولا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه وكذلك ما يدعونه جماد لا يحس بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم ولا يقدر على نفعهم . وقيل : شبهوا في قلة جدوى دعائهم لآلهتهم بمن أراد أن يغرف الماء بيديه ليشربه فبسطهما ناشرا أصابعه فلم تلق كفاه منه شيئا ولم يبلغ طلبته من شربه . وقرئ : تدعون بالتاء . كباسط كفيه بالتنوين " إلا في ضلال " إلا في ضياع لا منفعة فيه لأنهم إن دعوا الله لم يجبهم وإن دعوا الآلهة لم تستطع إجابتهم