" وسارب " ذاهب في سربه بالفتح أي في طريقه ووجهه . يقال : سرب في الأرض سروبا . والمعنى : سواء عنده من استخفى : أي طلب الخفاء في مختبأ بالليل في ظلمته ومن يضطرب في الطرقات ظاهرا بالنهار يبصره كل أحد . فإن قلت : كان حق العبارة أن يقال : ومن هو مستخف بالليل ومن هو سارب بالنهار حتى يتناول معنى الاستواء المستخفي والسارب وإلا فقد تناول واحدا هو مستخف وسارب قلت : فيه وجهان : أحدهما أن قوله " وسارب " عطف على من هو مستخف لا على مستخف والثاني أنه عطف على مستخف إلا أن من في معنى الاثنين كقوله : .
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان .
كأنه قيل : سواء منكم اثنان : مستخف بالليل وسارب بالنهار . والضمير في " له " مردود على " من " كأنه قيل : لمن أسر ومن جهر ومن استخفى ومن سرب " معقبات " جماعات من الملائكة تعتقب في حفظه وكلاءته والأصل : معتقبات فأدغمت التاء في القاف كقوله " وجاء المعذورون " التوبة : 90 ، بمعنى المعتذرون . ويجوز معقبات بكسر العين ولم يقرأ به . أو هو مفعلات من عقبه إذا جاء على عقبه كما يقال : قفاه لأن بعضهم يعقب بعضا أو لأنهم يعقبون ما يتكلم به فيكتبونه " يحفظونه من أمر الله " صفتان جميعا وليس " من أمر الله " بصلة للحفظ كأنه قيل : له معقبات من أمر الله . أو يحفظونه من أجل أمر الله أي من أجل أن الله أمرهم بحفظه . والدليل عليه قراءة علي Bه وابن عباس وزيد بن علي وجعفر بن محمد وعكرمة : يحفظونه بأمر الله . يحفظونه من بأس الله ونقمته إذا أذنب بدعائهم له ومسئلتهم ربهم أن يمهله رجاء أن يتوب وينيب كقوله : " قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن " الأنبياء : 42 ، وقيل المعقبات الحرس والجلاوزة حول السلطان يحفظونه في توهمه وتقديره من أمر الله أي من قضاياه ونوازله أو على التهكم به وقرئ : له معاقيب جمع معقب أو معقبة . والياء عوض من حذف إحدى القافين في التكسير " أن الله لا يغير ما بقوم " من العافية والنعمة " حتى يغيروا ما بأنفسهم " من الحال الجميلة بكثرة المعاصي " من وال " ممن يلي أمرهم ويدفع عنهم .
" هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال " .
" خوفا وطمعا " لا يصح أن يكونا مفعولا لهما لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف أي : إرادة خوف وطمع . أو على معنى إخافة وإطماعا ويجوز أن يكونا منتصبين على الحال من البرق كأنه في نفسه خوف وطمع . أو على : ذا خوف وذا طمع . أو من المخاطبين أي : خائفين وطامعين . ومعنى الخوف والطمع : أن وقوع الصواعق يخاف عند لمع البرق ويطمع في الغيث . قال أبو الطيب : .
فتى كالسحاب الجون تخشى وترتجى ... يرجى الحياء منها ويخشى الصواعق .
وقيل : يخاف المطر من له فيه ضرر كالمسافر ومن له في جرينه التمر والزبيب ومن له بيت يكف ومن البلاد ما لا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر ويطمع فيه من له فيه نفع ويحيا به " السحاب " اسم الجنس والواحدة سحابة . و " الثقال " جمع ثقيلة لأنك تقول سحابة ثقيلة وسحاب ثقال كما تقول : امرأة كريمة ونساء كرام وهي الثقال بالماء " ويسبح الرعد بحمده " ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له . أي يضجون بسبحان الله والحمد لله . وعن النبي A أنه كان يقول : " سبحان من يسبح الرعد بحمده " وعن علي Bه : سبحان من سبحت له .
وإذا اشتد الرعد قال رسول الله A : " اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك " وعن ابن عباس