والحمد نقيضه الذم والشكر نقيضه الكفران وارتفاع الحمد بالابتداء وخبره الظرف الذي هو الله وأصله النصبالذي هو قراءة بعضهم بإضمار فعله على أنه من المصادر التي تنصبها العرب بأفعال مضمرة في معنى الإخبار كقولهم : شكرا وكفرأ وعجبا وما أشبه ذلك ومنها : سبحانك ومعاذ الله ينزلونها منزلة أفعالها ويسدون بها مسدها لذلك لا يستعملونها معها ويجعلون استعمالها كالشريعة المنسوخة والعدل بها عن النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات المعنى واستقراره . ومنه قوله تعالى : " قالوا سلاما قال سلام " هود : رفع السلام الثاني للدلالة على أن إبراهيم عليه السلام حياهم بتحية أحسن من تحيتهم لأن الرفع دال على معنى ثبات السلام لهم دون تجدده وحدوثه . والمعنى : نحمد الله حمدا ولذلك قيل : " إياك نعبد وإياك نستعين " لأنه بيان لحمدهم له كأنه قيل : كيف تحمدون . فقيل : إياك نعبد . فإن قلت : ما معنى التعريف فيه . قلت : هو نحو التعريف في أرسلها العراك وهو تعريف الجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو والعراك ما هو من بين أجناس الأفعال . والاستغراق الذي يتوهمه كثير من الناس وهم منهم . وقرأ الحسن البصري : " الحمد لله " بكسر الدال لإتباعها اللام . وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة : " الحمد لله " بضم اللام لإتباعها الدال والتي جسرهما على ذلك والإتباع إنما يكون في كلمة واحدة كقولهم منحدر الجبل ومغيرة تنزل الكلمتين منزلة كلمة لكثرة استعمالهما مقترنتين وأشف القراءتين قراءة إبراهيم حيث جعل الحركة البنائية تابعة للإعرابية التي هي أقوى بخلاف قراءة الحسن .
الرب : المالك . ومنه قول صفوان لأبي سفيان : لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن . تقول : ربه يربه فهو رب كما تقول : نم عليه ينم فهو نم . ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده وهو في غيره على التقيد بالإضافة كقولهم : رب الدار ورب الناقة وقوله تعالى : " ارجع إلى ربك إنه ربي أحسن مثواي " وقرأ زيد بن علي رضي الله عنهما : " رب العالمين " بالنصب على المدح وقيل بما دل عليه الحمد لله كأنه قيل : نحمد الله رب العالمين .
العالم : اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين وقيل : كل ما علم به الخالق من الأجسام والأعراض . فإن قلت : لم جمع قلت : ليشمل كل جنس مما سمي به . فإن قلت : هو اسم غير صفة وإنما تجمع بالواو والنون صفات العقلاء أو ما في حكمها من الأعلام . قلت : ساغ ذلك لمعنى الوصفية فيه وهي الدلالة على معنى العلم .
" مالك يوم الدين " قرئ : " ملك يوم الدين " ومالك وملك بتخفيف اللام . وقرأ أبو حنيفة Bه : مالك يوم الدين بلفظ الفعل ونصب اليوم وقرأ أبو هريرة Bه : مالك بالنصب . وقرأ غيره : مالك وهو نصب على المدح ومنهم من قرأ : مالك بالرفع . وملك : هو الاختيار لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله : " لمن الملك اليوم " ولقوله : " ملك الناس " الناس : ولأن الملك يعم والملك يخص . ويوم الدين : يوم الجزاء . ومنه قولهم : كما تدين تدان وبيت الحماسة : .
ولم يبق سوى العدوا ... ن دناهم كما دانوا