" ريبة " شكا في الدين ونفاقا وكان القوم منافقين وإنما حملهم على بناء ذلك المسجد كفرهم ونفاقهم كما قال D : " ضرارا كفرا " التوبة : 107 ، فلما هدمه رسول الله A ازدادوا لما غاظهم من ذلك وعظم عليهم تصميما على النفاق ومقتا للإسلام فمعنى قوله : " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم " لا يزال هدمه سبب شك ونفاق زائد على شكهم ونفاقهم لا يزول وسمه عن قلوبهم ولا يضمحل أثره " إلا أن تقطع قلوبهم " قطعا وتفرق أجزاء فحينئذ يسلون عنه . وأما ما دامت سالمة مجتمعة فالريبة باقية فيها متمكنة فيجوز أن يكون ذكر التقطيع تصويرا لحال زوال الريبة عنها . ويجوز أن يراد حقيقة تقطيعها وما هو كائن منه بقتلهم أو في القبور أو في النار . وقرئ : يقطع بالياء . وتقطع بالتخفيف . وتقطع بفتح التاء بمعنى تتقطع . وتقطع قلوبهم على أن الخطاب للرسول أي إلا أن تقطع أنت قلوبهم بقتلهم . وقرأ الحسن : إلى أن وفي قراءة عبد الله : ولو قطعت قلوبهم . وعن طلحة : ولو قطعت قلوبهم على خطاب الرسول أو كل مخاطب . وقيل : معناه إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما وأسفا على تفريطهم .
" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " .
مثل الله إثابتهم بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيله بالشروى . وروي : تاجرهم فأغلى لهم الثمن . وعن عمر Bه فجعل لهم الصفقتين جميعا . وعن الحسن : أنفسا هو خلقها وأموالا هو رزقها . وروي : أن الأنصار حين بايعوه على العقبة قال عبد الله بن رواحة : اشترط لربك ولنفسك ما شئت . قال : اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم . قال : فإذا فعلنا ذلك فما لنا ؟ قال : لكم الجنة . قالوا : ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل . ومر برسول الله A أعرابي وهو يقرؤها فقال : كلام من ؟ قال كلام الله . قال : بيع الله مربح لا نقيله ولا نستقيله فخرج إلى الغزو فاستشهد " يقاتلون " فيه معنى الأمر كقوله : " تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم " الصف : 11 ، . وقرئ : فيقتلون ويقتلون على بناء الأول للفاعل والثاني للمفعول وعلى العكس " وعدا " مصدر مؤكد . أخبر بأن هذا الوعد الذي وعده للمجاهدين في سبيله وعد ثابت قد أثبته " في التوراة والإنجيل " كما أثبته في القرآن ثم قال : " ومن أوفى بعهده من الله " لأن إخلاف الميعاد قبيح لا يقدم عليه الكرام من الخلق مع جوازه عليهم لحاجتهم فكيف بالغني الذي لا يجوز عليه القبيح قط ولا ترى ترغيبا في الجهاد أحسن منه وأبلغ .
" التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين " .
" التائبون " رفع على المدح . أي : هم التائبون يعني المؤمنين المذكورين . ويدل عليه قراءة عبد الله وأبي Bهما : التائبين بالياء إلى : والحافظين نصبا على المدح . ويجوز أن يكون جرا صفة للمؤمنين . وجوز الزجاج أن يكون مبتدأ خبره محذوف أي : التائبون العابدون من أهل الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا كقوله : " وكلا وعد الله الحسنى " النساء : 95 ، وقيل : هو رفع على البدل من الضمير في يقاتلون . وبجوز أن يكون مبتدأ وخبره العابدون وما بعده خبر بعد خبر أي التائبون من الكفر على الحقيقة الجامعون لهذه الخصال . وعن الحسن : هم الذين تابوا من الشرك وتبرؤا من النفاق . و " العابدون " الذين عبدوا الله وحده وأخلصوا له العبادة وحرصوا عليها . و " السائحون " الصائمون شبهوا بذوي السياحة في الأرض في امتناعهم من شهواتهم . وقيل : هم طلبة العلم يسيحون في الأرض يطلبونه في مظانه .
" ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم " .
قيل : قال A لعمه أبي طالب : " أنت أعظم الناس علي حقا وأحسنهم عندي يدا فقل كلمة تجب لك بها شفاعتي " فأبى فقال : لا أزال أستغفر لك ما لم أنه عنه " فنزلت . وقيل :