" وإذا نزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك ألوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين رضوا بأن يكونوا من الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم " .
يجوز أن يراد السورة بتمامها وأن يراد بعضها في قوله : " إذا نزلت سورة " كما يقع القرآن والكتاب على كله وعلى بعضه . وقيل : هي براءة لأن فيها الأمر بالإيمان والجهاد " أن آمنوا " هي أن المفسرة " ألوا الطول " ذوو الفضل والسعة من طال عليه طولا " مع القاعدين " مع الذين لهم علة وعذر في التخلف " فهم لا يفقهون " ما في الجهاد من الفوز والسعادة وما في التخلف من الشقاء والهلاك " لكن الرسول " أي إن تخلف هؤلاء فقد نهد إلى الغزو من هو خير منهم وأخلص نية ومعتقدا كقوله : " فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلما بها قوما " الأنعام : 89 ، " فإن استكبروا فالذين عند ربك " فصلت : 38 ، . " الخيرات " تتناول منافع الدارين لإطلاق اللفظ . وقيل : الحور لقوله : " فيهن خيرات " الرحمن : 70 .
" وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم " .
" المعذرون " من عذر في الأمر إذا قصر فيه وتوانى ولم يجد : وحقيقته أنه يوهم أن له عذرا فيما يفعل ولا عذر له : أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين ويجوز في العربية كسر العين لالتقاء الساكنين وضمها لإتباع الميم ولكن لم تثبت بهما قراءة وهم الذين يعتذرون بالباطل كقوله : " يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم " وقرئ : المعذرون بالتخفيف : وهو الذي يجتهد في العذر ويحتشد فيه . قيل : هم أسد وغطفان . قالوا : إن لنا عيالا : وإن بنا جهدا فأذن لنا في التخلف . وقيل : هم رهط عامر بن الطفيل قالوا : إن غزونا معك أغارت أعراب طي على أهالينا ومواشينا فقال A : " سيغنيني الله عنكم " . وعن مجاهد : نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله تعالى : وعن قتادة : اعتذروا بالكذب . وقرئ : المعذرون بتشديد العين والذال من تعذر بمعنى اعتذر وهذا غير صحيح لأن التاء لا تدغم في العين إدغامها في الطاء والزاي والصاد في المطوعين وأزكى وأصدق . وقيل : أريد المعتذرون بالصحة وبه فسر المعذرون والمعذرون على قراءة ابن عباس رضي الله عنه الذين لم يفرطوا في العذر " قعد الذين كذبوا الله ورسوله " هم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا وظهر بذلك أنهم كذبوا الله ورسوله في ادعائهم الإيمان . وقرأ أبي : كذابوا بالتشديد " سيصيب الذين كفروا منكم " من الأعراب " عذاب أليم " في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار .
" ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون " .
" الضعفاء " الهرمى والزمنى . والذين لا يجدون : الفقراء . وقيل : هم مزينة وجهينة وبنو عذرة . والنصح لله ورسوله : الإيمان بهما وطاعتهما في السر والعلن وتوليهما والحب والبغض فيهما كما يفعل الموالي الناصح بصاحبه " على العاملين " على المعذورين الناصحين ومعنى : لا سبيل عليهم : لا جناح عليهم . ولا طريق للعاتب عليهم " فقلت لا أحد " حال من الكاف في " أتوك " وقد قبله مضمرة كما قيل في قوله : " أو جاؤكم حصرت صدورهم " النساء : 90 ، أي إذا ما أتوك قائلا لا أجد " تولوا " ولقد حصر الله المعذورين في التخلف الذين ليس لهم في أبدانهم استطاعة والذين عدموا آلة الخروج والذين سألوا المعونة فلم يجدوها . وقيل : المستحملون أبو موسى الأشعري وأصحابه . وقيل : البكاؤون وهم ستة نفر من الأنصار " يفيض من الدمع " كقولك : تفيض دمعا وهو أبلغ من يفيض دمعها لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض ومن للبيان كقولك : أفديك من رجل ومحل الجار والمجرور النصب على التمييز " ألا يجدوا " لئلا يجدوا . ومحله نصب على أنه مفعول له وناصبه المفعول له الذي هو حزنا