" بعضهم أولياء بعض " في مقابلة قوله في المنافقين : " بعضهم من بعض " . " سيرحمهم الله " السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد في قولك : سأنتقم منك يوما تعني أنك لا تفوتني وإن تباطأ ذلك ونحوه " سيجعل لهم الرحمن ودا " مريم : 96 ، " ولسوف يعطيك ربك فترضى " الضحى : 5 ، " سوف يؤتيهم أجورهم " النساء : 152 ، . " عزيز " غالب على كل شيء قادر عليه فهو يقدر على الثواب والعقاب " حكيم " واضع كلا موضعه على حسب الاستحقاق " ومساكن طيبة " عن الحسن : قصورا من اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد . و " عدن " علم بدليل قوله : " جنات عدن التي وعد الرحمن " مريم : 61 ، ويدل عليه ما روى أبو الدرداء Bه عن رسول الله A : " عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر لا يسكنها غير ثلاثة : النبيون والصديقون والشهداء . يقول الله تعالى طوبى لمن دخلك " وقيل : هي مدينة في الجنة . وقيل : نهر جناته على حافاته " ورضوان من الله أكبر " وشيء من رضوان الله أكبر من ذلك كله لأن رضاه هو سبب كل فوز وسعادة ولأنهم ينالون برضاه عنهم تعظيمه وكرامته والكرامة أكبر أصناف الثواب ولأن العبد إذا علم أن مولاه راض عنه فهو أكبر في نفسه مما وراءه من النعم وإنما تتهنأ له برضاه كما إذا علم بسخطته تنغصت عليه ولم يجد لها لذة وإن عظمت . وسمعت بعض أولي الهمة البعيدة والنفس المرة من مشايخنا يقول : لا تطمح عيني ولا تنازع نفسي إلى شيء مما وعد الله في دار الكرامة كما تطمح وتنازع إلى رضاه عني وأن أحشر في زمرة المهديين المرضيين عنده " ذلك " إشارة إلى ما وعد الله أو إلى الرضوان : أي هو " الفوز العظيم " وحده دون ما يعده الناس فوزا . وروي : أن الله D يقول لأهل الجنة هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ قالوا : وأي شيء أفضل من ذلك ؟ قال : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا .
" يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير " .
" جاهد الكفار " بالسيف " والمنافقين " بالحجة " وأغلظ عليهم " في الجهادين جميعا ولا تحابهم وكل من وقف منه على فساد في العقيدة فهذا الحكم ثابت فيه يجاهد بالحجة وتستعمل معه الغلظة ما أمكن منها وعن ابن مسعود : إن لم يستطع بيده فبلسانه فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه فإن لم يستطع فبقلبه . يريد الكراهة والبغضاء والتبرأ منه . وقد حمل الحسن جهاد المنافقين على إقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها .
" يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير " .
أقام رسول الله A في غزوة تبوك شهرين ينزل عليه القرآن ويعيب المنافقين المتخلفين فيسمع من معه منهم منهم الجلاس بن سويد . فقال الجلاس : والله لئن كان ما يقول محمد حقا لإخواننا الذين خلفناهم وهم ساداتنا وأشرافنا فنحن شر من الحمير . فقال عامر بن قيس الأنصاري للجلاس : أجل والله إن محمدا لصادق وأنت شر بن الحمار . وبلغ ذلك رسول الله A فاستحضر فحلف بالله ما قال فرفع عامر يده فقال : اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق الكاذب وتكذيب الصادق فنزلت " يحلفون بالله ما قالوا " فقال الجلاس : يا رسول الله لقد عرض الله علي التوبة . والله لقد قلته وصدق عامر فتاب الجلاس وحسنت توبته " وكفروا بعد إسلامهم " وأظهروا كفرهم بعد إظهارهم الإسلام " وهموا بما لم ينالوا " وهو الفتك برسول الله A وذلك عند مرجعه من تبوك :