وقرئ : ولأوفضوا فإن قلت : كيف خط في المصحف : ولا أوضعوا بزيادة ألف ؟ قلت : كانت الفتحة تكتب ألفا قبل الخط العربي والخط العربي اخترع قريبا من نزول القرآن وقد بقي من ذلك الألف أثر في الطباع فكتبوا صورة الهمزة ألفا وفتحتها ألفا أخرى ونحوه : أو لا أذبحنه . " يبغونكم الفتنة " يحاولون أن يفتنوكم بأن يوقعوا الخلاف فيما بينكم ويفسدوا نياتكم في مغزاكم " وفيكم سماعون لهم " أي نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم . أو فيكم قوم يسمعون للمنافقين ويطيعونهم " لقد ابتغوا الفتنة أي العنت ونصب الغوائل والسعي في تشتيت شملك وتفريق أصحابك عنك كما فعل عبد الله بن أبي يوم أحد حين انصرف بمن معه . وعن ابن جريج رضي الله عنه : وقفوا لرسول الله A على الثنية ليلة العقبة وهم اثنا عشر رجلا ليفتكوا به " من قبل " من قبل غزوة تبوك " وقلبوا لك الأمور " ودبروا لك الحيل والمكايد ودوروا الآراء في إبطال أمرك . وقرئ وقلبوا بالتخفيف " حتى جاء الحق " وهو تأييدك ونصرك " ظهر أمر الله " وغلب دينه وعلا شرعه .
" ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني إلا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " .
" ائذن لي " في القعود " ولا تفتني " ولا توقعني في الفتنة وهي الإثم بأن لا تأذن لي فإني إن تخلفت بغير إذنك أثمت . وقيل : ولا تلقني في الهلكة فإني إذا خرجت معك هلك مالي وعيالي . وقيل : قال الجد بن قيس : قد علمت الأنصار أني مستهتر بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر يعني نساء الروم ولكني أعينك بمال فاتركني . وقرئ : ولا تفتني من أفتنه " ألا في الفتنة سقطوا " أي إن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف . وفي مصحف أبي Bه : سقط لأن من موحد اللفظ جموع المعنى " لمحيطة بالكافرين " يعني أنها تحيط بهم يوم القيامة . أو هي محيطة بهم الآن لأن أسباب الإحاطة معهم فكأنهم في وسطها .
" إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولون قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولون وهم فرحون " .
" إن تصبك " في بعض الغزوات " حسنة " ظفر وغنيمة " تسؤهم وإن تصبك مصيبة " نكبة وشدة في بعضها نحو ما جرى في يوم أحد يفرحوا بحالهم في الانحراف عنك و " يقولون قد أخذنا أمرنا " أي أمرنا الذي نحن متسمون به من الحذر والتيقظ والعمل بالحزم " من قبل " من قبل ما وقع . وتولوا عن مقام التحدث بذلك والاجتماع له إلى أهاليهم " وهم فرحون " مسرورون . وقيل : تولوا : أعرضوا عن رسول الله A .
" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون " .
قرأ ابن مسعود Bه : قل هل يصيبنا . وقرأ طلحة Bه : هل يصيبنا بتشديد الياء . ووجهه أن يكون يفعيل لا يفعل لأنه من بنات الواو كقولهم : الصواب وصاب السهم يصوب ومصاوب في جمع مصيبة فحق يفعل منه يصوب ؟ ألا ترى إلى قولهم : صوب رأيه إلا أن يكون من لغة من يقول : صاب السهم يصيب . ومن قوله : أسهمي الصائبات والصيب واللام في قوله : " إلا ما كتب الله لنا " مفيدة فعنى الاختصاص كأنه قيل : لن يصيبنا إلا ما اختصنا الله به بإثباته وإيجابه من النصرة عليكم أو الشهادة . ألا ترى إلى قوله : " هو مولانا " أي الذي يتولانا ونتولاه ذلك بأن الله إلى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " وحق المؤمنين أن لا يتوكلوا على غير الله فليفعلوا ما هو حقهم .
" قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون " .
" إلا إحدى الحسنين " إلا إحدى العاقبتين اللتين كل واحدة منهما هي حسن العواقب وهما النصرة والشهادة " ونحن نتربص بكم " إحدى السوأتين من العواقب إما " أن يصيبكم الله بعذاب من عنده " وهو قارعة من السماء كما نزلت على عاد وثمود " أو " بعذاب " بأيدينا " وهو القتل على الكفر " فتربصوا " بنا ما ذكرنا من عواقبنا " إنا معكم متربصون " ما هو عاقبتكم فلا بد أن يلقى كلنا ما يتربصه لا يتجاوزه .
" قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين "