وتوفي رجل فوجد في مئزره دينار فقال رسول الله A كية وتوفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال : كيتان قلت : كان هذا قبل أن تفرض الزكاة فأما بعد فرض الزكاة فالله أعدل وأكرم من أن يجمع عبده مالا من حيث أذن له فيه ويؤدي عنه ما أوجب عليه فيه ثم يعاقبه . ولقد كان كثير من الصحابة كعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وعبيد الله Bهم يقتنون الأموال ويتصرفون فيها وما عابهم أحد ممن أعرض عن القنية لأن الإعراض اختيار للأفضل وإلا دخل في الورع والزهد في الدنيا والاقتناء مباح موسع لا يذم صاحبه ولكل شيء حد . وما روي عن علي Bه : أربعة آلاف فما دونها نفقة فما زاد فهو كنز . كلام في الأفضل . فإن قلت : لم قيل : ولا ينفقونها وقد ذكر شيئان ؟ قلت : ذهابا بالضمير إلى المعنى دون اللفظ : لأن كل واحد منهما جملة وافية وعدة كثيرة ودنانير ودراهم فهو كقوله : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا " وقيل : ذهب به إلى الكنوز وقيل : إلى الأموال . وقيل : معناه ولا ينفقونها والذهب كما أن معنى قوله : .
فإني وقيار بها لغريب .
وقيار كذلك . فإن قلت : لم خصا بالذكر من بين سائر الأموال ؟ قلت : لأنهما قانون التمول وأثمان الأشياء ولا يكنزهما إلا من فضلا عن حاجته ومن كثرا عنده حتى يكنزهما لم يعدم سائر أجناس المال فكان ذكر كنزهما دليلا على ما سواهما فإن قلت : ما معنى قوله : " يحمى عليها " ؟ وهلا قيل : تحمى من قولك : حمى الميم وأحميته ولا تقول : أحميت على الحديد ؟ قلت : معناه أن النار تحمى عليها أي توقد ذات حمى وحر شديد من قوله : " نار حامية " القارعة : 11 ، ولو قيل : يوم تحمى لم يعط هذا المعنى . فإن قلت : فإذا كان الإحماء للنار فلم ذكر الفعل ؟ قلت : لأنه مسند إلى الجار والمجرور أصله : يوم تحمى النار عليها فلما حذفت النار قيل : يحمى عليها لانتقال الإسناد عن النار إلى عليها كما تقول : رفعت القصة إلى الأمير فإن لم تذكر القصة قلت : رفع إلى الأمير وعن ابن عامر أنه قرأ : تحمى بالتاء . وقرأ أبو حيوة : فيكوى بالياء . فإن قلت : لم خصت هذه الأعضاء ؟ قلت : لأنهم لم يطلبوا بأموالهم حيث لم ينفقوها في سبيل الله إلا الأغراض الدنيوية ومن وجاهة عند الناس وتقدم وأن يكون ماء وجوههم مصونا عندهم يتلقون بالجميل ويحيون بالإكرام ويبجلون ويحتشمون ومن أكل طيبات يتضلعون منها وينفخون جنوبهم ومن لبس ناعمة من الثياب يطرحونها على ظهورهم كما ترى أغنياء زمانك هذه أغراضهم وطلباتهم من أموالهم لا يخطرون ببالهم قول رسول الله A : " ذهب أهل الدثور بالأجور " وقيل : لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا لماذا ضمهم وإياه مجلس ازوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم . وقيل : معناه يكون على الجهات الأربع مقاديمهم ومآخيرهم وجنوبهم " هذا ما كنزتم " على إرادة القول . وقوله : " لأنفسكم " أي كنزتموه لتنتفع به نفوسكم وتلتذ وتحصل لها الأغراض التي حامت حولها وما علمتم أنكم كنزتموه لتستضر به أنفسكم وتتعذب وهو توبيخ لهم " فذوقوا ما كنتم تكنزون " . وقرئ : تكنزون بضم النون أي وبال المال الذي كنتم تكنزونه أو وبال كونكم كانزين .
" إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيه أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين " .
" في كتاب الله " فيما أثبته وأوجبه من حكمه ورآه حكمة وصوابا . وقيل في اللوح : " أربعة حرم " ثلاثة سرد : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب . ومنه قوله عليه السلام في خطبته في حجة الوداع :