" ولو ترى " ولو عاينت وشاهدت ؟ لأن لو ترد المضارع إلى معنى الماضي ؟ كما ترد إن الماضي إلى معنى الاستقبال . و " إذ " نصب على الظرف وقرئ : يتوفى بالياء والتاء و " الملائكة " رفعها بالفعل و " يضربون " حال منهم ويجوز أن يكون في " يتوفى " ضمير الله D و " الملائكة " مرفوعة بالابتداء و " يضربون " خبر . وعن مجاهد : وأدبارهم : استاههم ولكن الله كريم يكنى وإنما خصوهما بالضرب . لأن الخزي والنكال في ضربهما أشده وبلغني عن أهل الصين أن عقوبة الزاني عندهم أن يصبر ثم يعطي الرجل القوي البطش شيئا عمل من حديد كهيئة الطبق فيه رزانة وله مقبض فيضربه على دبره ضربه واحد بقوته فيجمد في مكانه . وقيل : يضربون ما أقبل منهم وما أدبر " وذوقوا " معطوف على " يضربون " على إرادة القول : أي ويقولون ذوقوا " عذاب الحريق " أي مقدمة عذاب النار . أو وذوقوا عذاب الآخرة : بشارة لهم به . وقيل : كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا بها التهبت النار أو ويقال لهم يوم القيامة : ذوقوا . وجواب لو محذوف : أي لرأيت أمرا فظيعا منكرا " ذلك بما قدمت أيديكم " يحتمل أن يكون من كلام الله ومن كلام الملائكة و " ذلك " رفع بالابتداء و " بما قدمت " خبره " وأن الله " عف عليه أي ذلك العذاب بسببين : بسبب كفركم ومعاصيكم وبأن الله " ليس بظلام للعبيد " لأن تعذيب الكفار من العدل كإثابة المؤمنين . وقيل : ظلام للتكثير لأجل العبيد أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاما بليغ الظلم متفاقمه .
" كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإن الله سميع عليم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين " .
الكاف في محل الرفع : أي دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون . ودأبهم : عادتهم وعملهم الذي دأبوا فيه : أي داوموا عليه وواظبوا . و " كفروا " تفسير لدأب آل فرعون . و " ذلك " إشارة إلى ما حل بهم يعني ذلك العذاب أو الانتقام بسبب أن الله لم ينبغ له ولم يصح في حكمته أن يغير نعمته عند قوم " حتى يغيروا ما " بهم من الحال . فإن قلت : فما كان من تغيير آل فرعون ومشركي مكة حتى غير الله نعمته عليهم ؟ ولم تكن لهم حال مرضية فيغيروها إلى حال مسخوطة قلت : كما تغير الحال المرضية إلى المسخوطة تغير الحال المسخوطة إلى أسخط منها وأولئك كانوا قبل بعثة الرسول إليهم كفرة عبدة أصنام فلما بعث إليهم بالآيات البينات فكذبوه وعادوه وتحزبوا عليه ساعين في إراقة دمه غيروا حالهم إلى أسوأ مما كانت فغير الله ما أنعم به عليهم من الإمهال وعاجلهم بالعذاب " وأن الله سميع " لما يقول مكذبو الرسل " عليم " بما يفعلون " كدأب آل فرعون " تكرير للتأكيد . وفي قوله : " بآيات ربهم " زيادة دلالة على كفران النعم وجحود الحق . وفي ذكر الإغراق بيان للأخذ بالذنوب " وكل كانوا ظالمين " وكلهم من غرقى القبط وقتلى قريش كانوا ظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي .
" إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون "