" وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير " .
" وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " إلى أن لا يوجد فيهم شرك قط " ويكون الدين كله لله " ويضمحل عنهم كل دين باطل ويبقى فيهم دين الإسلام وحده " فإن انتهوا " عن الكفر وأسلموا " فإن الله بما يعملون بصير " يثيبهم على توبتهم وإسلامهم . وقرئ : تعملون بالتاء فيكون المعنى : فإن الله بما تعملون من الجهاد في سبيله والدعوة إلى دينه والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإسلام " بصير " يجازيكم عليه أحسن الجزاء " وإن تولوا " ولم ينتهوا " فاعلموا أن الله مولاكم " أي ناصركم ومعينكم فثقوا بولايته ونصرته .
" واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير " .
" أنما غنمتم " ما موصولة . و " من شيء " بيانه . قيل : من شيء حتى الخيط والمخيط " فأن لله " مبتدأ خبره محذوف تقديره : فحق أو فواجب أن لله خمسه . وروى الجعفي عن أبي عمرو فإن لله بالكسر . وتقويه قراءة النخعي : فلله خمسة . والمشهورة آكد وأثبت للإيجاب كأنه قيل : فلا بد من ثبات الخمس فيه ولا سبيل إلى الإخلال به والتفريط فيه من حيث إنه إذا حذف الخبر واحتمل غير واحد من المقدرات كقولك : ثابت واجب حق لازم وما أشبه ذلك كان أقوى لإيجابه من النص على واحد وقرئ خمسه بالسكون فإن قلت : كيف قسمة الخمس ؟ قلت : عند أبي حنيفة C أنها كانت في عهد رسول الله A على خمسة أسهم : سهم لرسول الله A وسهم لذوي قرباء من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل استحقوهحينئذ بالنصرة والمظاهرة لما روي عن عثمان وجبير بن مطعم Bهما أنهما قالا لرسول الله A : هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله منهم أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة : فقال A : " إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد " وشبك بين أصابعه وثلاثة أسهم : لليتامى والمساكين وابن السبيل . وأما بعد رسول الله A فسهمه ساقط بموته وكذلك سهم ذوي القربى وإنما يعطون لفقرهم فهم أسوة سائر الفقراء ولا يعطى أغنياؤهم فيقسم على اليتامى والمساكين وابن السبيل . وأما عند الشافعي رحمه الله فيقسم على خمسة أسهم : سهم لرسول الله A يصرف إلى ما كان يصرفه إليه من مصالح المسلمين : كعدة الغزاة من السلاح والكراع . ونحو ذلك . وسهم لذوي القربى من أغنيائهم وفقرائهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين . والباقي للفرق الثلاث . وعند مالك بن أنس C : الأمر فيه مفوض إلى اجتهاد الإمام إن رأى قسمه بين هؤلاء وإن رأى أعطاه بعضهم دون بعض وإن رأى غيرهم أولى وأهم فغيرهم . فإن قلت : ما معنى ذكر الله D وعطف الرسول وغيره عليه قلت : يحتمل أن يكون معنى لله وللرسول لرسول الله A كقوله : " والله ورسوله أحق أن يرضوه " التوبة : 62 ، وأن يراد بذكره إيجاب سهم سادس يصرف إلى وجه من وجوه القرب . وأن يراد بقوله : " فأن لله خمسه " أن من حق الخمس أن يكون متقربا به إليه لا غير . ثم خض من وجوه القرب هذه الخمسة تفضيلا لها على غيرها . كقوله تعالى : " وجبريل وميكال " البقرة : 98 ، فعلى الاحتمال الأول مذهب الإمامين . وعلى الثاني ما قال أبو العالية : أنه يقسم على ستة أسهم : سهم لله تعالى يصرف إلى رتاج الكعبة . وعنه :