المكاء : فعال بوزن الثغاء والرغاء من مكا يمكو إذا صفر : ومنه المكاء كأنه سمي بذلك لكثرة مكائه . وأصله الصفة نحو الوضاء والفراء . وقرئ : مكا بالقصر . ونظيرهما البكي والبكاء . والتصدية : التصفيق تفعلة من الصدى أو من صد يصد " إذا قومك منه يصدون " الزخرف : 57 ، وقرأ الأعمش : " وما كان صلاتهم " بالنصب على تقديم خبر كان على اسمه فإن قلت : ما وجه هذا الكلام ؟ قلت : هو نحو من قوله : .
وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه ... أداهم سودا أو محدرجة سمرا .
والمعنى أنه وضع القيود والسياط موضع العطاء ووضعوا المكاء والتصدية موضع الصلاة وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة : الرجال والنساء وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون وكانوا يفعلون نحو ذلك إذا قرأ رسول الله A في صلاته يخلطون عليه " فذوقوا " عذاب القتل والأسر يوم بدر بسبب كفركم وأفعالكم التي لا يقدم عليها إلا الكفرة .
" إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون " .
قيل : نزلت في المطعمين يوم بدر كان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزائر . وقيل : قالوا لكل من كان له تجارة في العير : أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر . وقيل : نزلت في أبي سفيان وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب وأنفق عليهم أربعين أوقية . والأوقية اثنان وأربعون مثقالا " ليصدوا عن سبيل الله " أي كان غرضهم في الإنفاق الصد عن اتباع محمد وهو سبيل الله وإن لم يكن عندهم كذلك " ثم تكون عليهم حسرة " أي تكون عاقبة إنفاقها ندما وحسرة فكأن ذاتها تصير ندما وتنقلب حسرة " ثم يغلبون " آخر الأمر وإن كانت الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك فيرجعون طلقاء " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " المجادلة : 21 ، . " والذين كفروا " والكافرون منهم " إلى جهنم يحشرون " لأن منهم من أسلم وحسن إسلامه " ليميز الله الخبيث من الطيب " الفريق الخبيث من الكفار " من " الفريق " الطيب " من المؤمنين فيجعل الفريق " الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا " عبارة عن الجمع والضم حتى يتراكبوا كقوله تعالى : " كادوا يكونون عليه لبدا " يعني لفرط ازدحامهم " أولئك " إشارة إلى الفريق الخبيث وقيل : ليميز المال الخبيث الذي أنفقه المشركون في عداوة رسول الله A من المال الطيب الذي أنفقه المسلمون كأبي بكر وعثمان في نصرته " فيركمه " فيجعله في جهنم في جملة ما يعذبون به كقوله : " فتكوى بها جباههم وجنوبهم " الآية التوبة : 35 ، واللام على هذا متعلقة بقوله : ثم تكون عليهم حسرة " وعلى الأول بيحشرون وأولئك : إشارة إلى الذين كفروا . وقرئ : ليميز على التخفيف .
" قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين " .
" قل للذين كفروا " من أبي سفيان وأصحابه . أي قل لأجلهم هذا القول وهو " إن ينتهوا " ولو كان بمعنى خاطبهم به لقيل : إن تنتهوا يغفر لكم وهي قراءة ابن مسعود . ونحوه : " وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه " الأحقاف : 11 ، خاطبوا به غيرهم لأجلهم ليسمعوه أي إن ينتهوا عما هم عليه من عداوة رسول الله A وقتاله بالدخول في الإسلام " يغفر لهم ما قد سلف " لهم من العداوة " وإن تعودوا " لقتاله : " فقد مضت سنت الأولين " منهم الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر . أو فقد مضت سنة الذين تحزبوا على أنبيائهم من الأمم فدمروا فليتوقعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا . وقيل : معناه أن الكفار إذا انتهوا عن الكفر وأسلموا غفر لهم ما قد سلف لهم من الكفر والمعاصي وخرجوا منها كما تنسل الشعرة من العجين . ومنه قوله E .
الإسلام يجب ما قبله وقالوا : الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تبعة قط .
وأما الذمي فلا يلزمه قضاء حقوق الله وتبقى عليه حقوق الآدميين . وبه احتج أبو حنيفة C في أن المرتد إذا أسلم لم يلزمه قضاء العبادات المتروكة في حال الردة . وقبلها وفسر " وإن يعودوا " بالارتداد . وقرئ يغفر لهم على أن الضمير لله D