غشيته وهو في جأواء باسلة ... عضبا أصاب سواء الرأس فانفلقا .
والبنان : الأصابع يريد الأطراف . والمعنى : فاضربوا المقاتل والشوي لأن الضرب وإما واقع على مقتل أو غير مقتل فأمرهم بأن يجمعوا عليهم النوعين معا . ويجوز أن يكون قوله " سألقى " إلى قوله : " كل بنان " عقيب قوله : " فثبتوا الذين آمنوا " تلقينا للملائكة ما يثبتونهم به كأنه قال : قولوا لهم قولي : " سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب " أو كأنهم قالوا : كيف نثبتهم ؟ فقيل : قولوا لهم قولي : " سألقي " فالضاربون على هذا هم المؤمنون .
" ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذروه وأن للكافرين عذاب النار " .
" ذلك " إشارة إلى ما أصابهم من الضرب والقتل والعقاب العاجل ومحله الرفع على الابتداء و " بأنهم " خبره أي ذلك العقاب وقع عليهم بسبب مشاقتهم . والمشاقة : مشتقة من الشق لأن كلا المتعاديين في شق خلاف شق صاحبه وسئلت في المنام عن اشتقاق المعاداة فقلت : لأن هذا في عدوة وذاك في عدوة كما قيل : المخاصمة والمشاقة لأن هذا في خصم أي في جانب وذاك في خصم وهذا في شق وذاك في شق . والكاف في " ذلك " لخطاب الرسول عليه الصلاة السلام أو لخطاب كل واحد وفي " ذلكم " للكفرة على طريقة الالتفات . ومحل " ذلكم " الرفع على ذلكم العقاب أو العقاب ذلكم " فذوقوه " ويجوز أن يكون نصبا على : عليكم ذلكم فذوقوه كقولك : زيدا فاضربه " وإن للكافرين " عطف على ذلكم في وجهيه أو نصب على أن الواو بمعنى مع . والمعنى : ذوقوا هذا العذاب العاجل مع الآجل الذي لكم في الآخرة فوضع الظاهر موضع الضمير وقرأ الحسن وإن للكافرين بالكسر .
" يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن تولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " .
" زحفا " حال من الذين كفروا . والزحف : الجيش الدهم الذي يرى لكثرته كأنه يزحف أي يدب دبيبا من زحف الصبي إذا دلت على آسته قليلا قليلا سمي بالمصدر والجمع زحوف والمعنى : إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جم وأنتم قليل فلا تفروا فضلا أن تدانوهم في العدد أو تساووهم أو حال من الفريقين . أي إذا لقيتموهم متزاحفين هم وأنتم أو حال من المؤمنين كأنهم أشعروا بما كان سيكون منهم يوم حنين حين تولوا مدبرين وهم زحف من الزحوف اثني عشر ألفا وتقدمه نهي لهم عن الفرار يومئذ . وفي قوله : " ومن يولهم يومئذ " أمارة عليه " إلا محترفا لقتال " هو الكر بعد الفر يخيل عدوه أنه منهزم ثم يعطف عليه وهو باب من خدع الحرب ومكايدها " أو متحيزا " أو منحازا " إلى فئة " إلى جماعة أخرى من المسلمين سوى الفئة التي هو فيها . وعن ابن عمر رضي الله عنه : خرجت سرية وأنا فيهم ففروا فلما رجعوا إلى المدينة استحيوا فدخلوا البيوت فقلت : يا رسول الله نحن الفرارون فقال : بل أنتم العكارون وأنا فئتكم . وانهزم رجل من القادسية فأتى المدينة إلى عمر Bه فقال : يا أمير المؤمنين هلكت فررت من الزحف فقال عمر رضي الله عنه : أنا فئتك . وعن ابن عباس Bه : إن الفرار من الزحف من أكبر الكبائر . فإن قلت : بم انتصب " إلا محترفا " ؟ قلت : على الحال وإلا لغو . أو على الاستثناء من المولين أي : ومن يولهم إلا رجلا منهم متحرفا أو متحيزا . وقرأ الحسن دبره بالسكون ووزن متحيز متفيعل لا متفعل لأنه من حاز يحوز فبناء متفعل منه متحوز .
" فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنون منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم " .
لما كسروا أهل مكة وقتلوا وأسروا أقبلوا على التفاخر فكان القائل يقول : قتلت وأسرت ولما طلعت قريش قال رسول الله A :