هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسلك اللهم إني أسألك ما وعدتني فأتاه جبريل عليه السلام فقال : خذ قبضة من تراب فارمهم بها قال : لما التقى الجمعان لعلي رضي الله عنه : أعطني قبضة من حصباء الوادي فرمى بها في وجوههم وقال : شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم فقيل لهم " فلم تقتلوهم " . والفاء جواب شرط محذوف تقديره : إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم " ولكن الله قتلهم " لأنه هو الذي أنزل الملائكة وألقى الرعب في قلوبهم وشاء النصر والظفر وقرى قلوبكم وأذهب عنها الفزع والجزع " وما رميت " أنت يا محمد " إذ رميت ولكن الله رمى " يعني أن الرمية التي رميتها لم ترمها أنت على الحقيقة لأنك لو رميتها لما بلغ أثرها إلا ما يبلغه أثر رمي البشر ولكنها كانت رمية الله حيث أثرت ذلك الأثر العظيم فأثبت الرمية لرسول الله A لأن صورتها وجدت منه ونفاها عنه لأن أثرها الذي لا تطيقه البشر فعل الله D فكأن الله هو فاعل الرمية على الحقيقة وكأنها لم توجد من الرسول E أصلا . وقرئ " ولكن الله قتلهم " ولكن الله رمى بتخفيف لكن ورفع ما بعده " وليبلي المؤمنين " وليعطيهم " بلاء حسنا " عطاء جميلا . قال زهير : .
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو .
والمعنى : وللإحسان إلى المؤمنين فعل ما فعل وما فعله إلا لذلك " إن الله سميع " " لدعائهم " عليم " بأحوالهم .
" ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين " .
" ذلكم " إشارة إلى البلاء الحسن ومحله الرفع : أي الغرض ذلكم وأن الله موهن " معطوف على ذلكم . يعني : أن الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين . وقرئ : موهن بالتشديد . وقرئ على الإضافة وعلى الأصل الذي هو التنوين والإعمال .
" إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين " .
" إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح " خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم وذلك أنهم حين أرادوا أن ينفروا تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أقرانا للضيف وأوصلنا للرحم وأفكنا للعاني إن كان محمد على حق فانصره وإن كنا على حق فانصرنا . وروي : أنهم قالوا : اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين . وروي أن أبا جهل قال يوم بدر : اللهم أينا كان أهجر وأقطع للرحم فأحنه اليوم أي فأهلكه . وقيل : " وإن تستفتحوا " خطاب للمؤمنين وإن تنتهوا " خطاب للكافرين يعني وإن تنتهوا عن عداوة رسول الله A " فهو خير لكم " وأسلم " وإن تعودوا " لمحاربته " نعد " لنصرته عليكم وإن الله " قرئ بالفتح على : ولأن الله معين المؤمنين كان ذلك وقرئ بالكسر وهذه أوجه . ويعضدها قراءة ابن مسعود والله مع المؤمنين وقرئ ولن يغني عنكم بالياء للفصل .
" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون "