أن رجلا من المسلمين بينما هو يشتد في أثر رجل من المشركين : إذ سمع صوت ضربة بالسوط فوقه فنظر إلى المشرك قد خر مستلقيا وشق وجهه فحدث الأنصاري رسول الله A فقال : صدقت ذاك من مدد السماء .
وعن أبي داود المازني : تبعت رجلا من المشركين لأضربه يوم بدر فوقع رأسه بين يدي قبل أن يصل إليه سيفي قيل : لم يقاتلوا وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين وإلا فملك واحد كاف في إهلاك أهل الدنيا كلها فإن جبريل عليه السلام أهلك بريشة من جناحه مدائن قوم لوط وأهلك بلاد ثمود قوم صالح بصيحة واحدة . وقرئ مردفين بكسر الدال وفتحها من قولك : ردفه إذا تبعه . ومنه قوله تعالى : " ردف لكم بعض الذي تستعجلون " النمل : 72 ، بمعنى ردفكم . وأردفته إياه : إذا أتبعته . ويقال : أردفته كقولك أتبعته إذا جئت بعده فلا يخلو المكسور الدال من أن يكون بمعنى متبعين أو متبعين فإن كان بمعنى متبعين فلا يخلو من أن يكون بمعنى : متبعين بعضهم بعضا أو متبعين بعضهم لبعض أو بمعنى : متبعين إياهم المؤمنين أي يتقدمونهم فيتبعونهم أنفسهم أو متبعين لهم يشيعونهم ويقدمونهم بين أيديهم وهم على ساقتهم ليكونوا على أعينهم وحفظهم . أو بمعنى متبعين أنفسهم ملائكة آخرين أو متبعين غيرهم من الملائكة : ويعضد هذا الوجه قوله تعالى في سورة آل عمران : " بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين " آل عمران : 124 ، " بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " آل عمران : 125 ، ومن قرأ : مردفين بالفتح فهو بمعنى متبعين أو متبعين . وقرئ مردفين بكسر الراء وضمها وتشديد الدال : وأصله مرتدفين أي مترادفين أو متبعين من ارتدفه فأدغمت تاء الافتعال في الدال فالتقى ساكنان فحركت الراء بالكسر على الأصل أو على إتباع الدال . وبالضم على إتباع الميم . وعن السدي : بآلاف من الملائكة . على الجمع ليوافق ما في سورة آل عمران . فإن قلت : فبم يعتذر لمن قرأ على التوحيد ولم يفسر المردفين بإرداف الملائكة ملائكة آخرين والمردفين بأردافهم غيرهم ؟ قلت : بأن المراد بالألف من قاتل منهم . أو الوجوه منهم الذين من سواهم أتباع لهم .
" وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله وإن الله عزيز حكيم " .
فإن قلت : إلام يرجع الضمير في " ما جعله " قلت : إلى قوله : " أني ممدكم " الأنفال : 9 ، لأن المعنى : فاستجاب لكم بإمدادكم . فإن قلت : ففيمن قرأ بالكسر ؟ قلت : إلى قوله : " إني ممدكم " لأنه مفعول القول المضمر فهو في معنى القول . ويجوز أن يرجع إلى الإمداد الذي يدل عليه ممدكم " إلا بشرى " إلا بشارة لكم بالنصر كالسكينة لبني إسرائيل يعني أنكم استغثتم وتضرعتم لقلتكم وذلتكم فكان الإمداد بالملائكة بشارة لكم بالنصر وتسكينا منكم وربطا على قلوبكم " وما النصر إلا من عند الله " يريد ولا تحسبوا النصر من الملائكة فإن الناصر هو الله لكم وللملائكة . أو وما النصر بالملائكة وغيرهم من الأسباب إلا من عند الله والمنصور من نصره الله .
" إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به أقدامكم "