سيكون قوم يعتدون في الدعاء وحسب المرء أن يقول : اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ثم قرأ قوله تعالى : " إنه لا يحب المعتدين " . " إن رحمت الله قريب من المحسنين " كقوله : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا " طه : 82 ، . وإنما ذكر " قريب " على تأويل الرحمة بالرحم أو الترحم أو لأنه صفة موصوف محذوف أي شيء قريب . أو على تشبيهه بفعيل الذي هو بمعنى مفعول كما شبه ذاك به فقيل قتلاء وأسراء أو على أنه بزنة المصدر الذي هو النقيض والضغيب . أو لأن تأنيث الرحمة غير حقيقي قرئ : نشرا وهو مصدر نشر . وانتصابه إما لأن أرسل ونشر متقاربان فكأنه قيل : نشرها نشرا : وإما على الحال بمعنى منتشرات . ونشرا جمع نشور . ونشرا تخفيف نشر كرسل ورسل . وقرأ مسروق : " نشرا بمعنى منشورات فعل بمعنى مفعول كنفض وحسب . ومنه قولهم ضم نشره وبشرا جمع بشير . وبشرا بتخفيفه . وبشر بفتح الباء مصدر من بشره بمعنى بشره أي باشرات وبشرى " بين يدي رحمته " أمام رحمته وهي الغيث الذي هو من أتم النعم وأجلها وأحسنها أثرا " أقلت " حملت ورفعت واشتقاق الإقلال من القلة لأن الرافع المطيق يرى الذي يرفعه قليلا " سحابا ثقالا " سحائب ثقالا بالماء جمع سحابة " سقناه " الضمير للسحاب على اللفظ ولو حمل على المعنى كالثقال لأنث كما لو حمل الوصف على اللفظ لقيل ثقيلا " لبلد ميت " لأجل بلد ليس فيه حيا ولسقيه . وقرئ : ميت " فأنزلنا به " بالبلد أو بالسحاب أو بالسوق . وكذلك " فأخرجنا به ...كذلك " مثل ذلك الإخراج وهو إخراج الثمرات " نخرج الموتى لعلكم تذكرون " فيؤديكم التذكر إلى أنه لا فرق بين الإخراجين . إذ كل واحد منهما إعادة للشيء بعد إنشائه " والبلد الطيب " الأرض الغداة الكريمة التربة " والذي خبث " الأرض السبخة التي لا تنبت ما ينتفع به " بأذن ربه " بتيسيره وهو في موضع الحال كأنه قيل : يخرج نباته حسنا وافيا لأنه واقع في مقابلة " نكدا " والنكد الذي لا خير فيه . وقرئ : يخرج نباته أن يخرجه البلد وينبته وقوله : " والذي خبث " صفة للبلد ومعناه : والبلد الخبيث لا يخرج بناته إلا نكدا فحذف المضاف الذي هو النبات وأقيم المضاف إليه الذي هو الراجع إلى البلد مقامه إلا أنه كان مجرورا بارزا فانقلب مرفوعا مستكنا لوقوعه موقع الفاعل أو يقدر : ونبات الذي خبث . وقرئ : " نكدا " بفتح الكاف على المصدر . أي ذا نكد . ونكدا بإسكانها للتخفيف كقوله : نزه عن الريب بمعنى نزه . وهذا مثل لمن ينجع فيه الوعظ والتنبيه من المكلفين ولمن لا يؤثر شيء من ذلك . وعن مجاهد : آدم وذريته منهم خبيث وطيب . وعن قتادة : المؤمن سمع كتاب الله فوعاه بعقله وانتفع به كالأرض الطيبة أصابها الغيث فأنبتت . والكافر بخلاف ذلك . وهذا التمثيل واقع على أثر ذكر المطر وإنزاله بالبلد الميت وإخراج الثمرات به على طريق الاستطراد " وكذلك " مثل ذلك التصريف " نصرف الآيات " نرددها ونكررها " لقوم يشكرون " نعمة الله وهم المؤمنون ليفكروا فيها ويعتبروا بها . وقرئ : يصرف بالياء أي يصرفها الله .
" لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " .
" لقد أرسلنا نوحا " جواب قسم محذوف . فإن قلت : ما لهم لا يكادون ينطقون بهذه اللام إلا مع قد وقل عنهم نحو قوله : .
حلفت لها بالله حلفة فاجر ... لناموا فما إن من حديث ولا وصالي