" فمن أظلم " فمن أشنع ظلما ممن تقول على الله ما لم يقله أو كذب ما قاله : " أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب " أي مما كتب لهم من الأرزاق والأعمار " حتى إذا جاءتهم رسلنا " حتى غاية لنيلهم نصيبهم واستيفائهم له أي إلى وقت وفاتهم وهي حتى التي يبتدأ بعدها الكلام والكلام ههنا الجملة الشرطية وهي إذا جاءتهم رسلنا قالوا . و " يتوفونهم " حال من الرسل أي متوفيهم . والرسل ملك الموت وأعوانه . وما وقعت موصولة بأين في خط المصحف وكان حقها أن تفصل لأنها موصولة بمعنى : أين الآلهة الذين تدعون " ضلوا عنا " غابوا عنا فلا نراهم ولا ننتفع بهم اعترافا منهم بأنهم لم يكونوا على شيء فيما كانوا عليه وأنهم لم يحمدوه في العاقبة .
" قال أدخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون " .
" قال ادخلوا " أي يقول الله تعالى يوم القيامة لأولئك الذين قال فيهم : " فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته " وهم كفار العرب " في أمم " في موضع الحال أي كائنين في جملة أمم وفي غمارهم مصاحبين لهم أي ادخلوا في النار مع أمم " قد خلت من قبلكم " وتقدم زمانهم زمانكم " لعنت أختها " التي ضلت بالاقتداء بها " حتى إذا أدركوا فيها " أي تداركوا بمعنى تلاحقوا واجتمعوا في النار " قالت أخراهم " منزلة وهي الأتباع والسفلة " لأولاهم " منزلة وهي القادة والرؤس . ومعنى لأولاهم : لأجل أولاهم لأن خطابهم مع الله لا معهم " عذابا ضعفا " مضاعفا " لكل ضعف " لأن كلا من القادة والأتباع كانوا ضالين مضلين " ولكن لا تعلمون " قرئ بالياء والتاء " فما كان لكم علينا من فضل " عطفوا هذا الكلام على قول الله تعالى للسفلة " لكل ضعف " أي فقد ثبت أن لا فضل لكم علينا وأنا متساوون في استحقاق الضعف " فذوقوا العذاب " من قول القادة أو من قول الله لهم جميعا .
" إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين " .
" لا تفتح لهم أبواب السماء " لا يصعد لهم عمل صالح " إليه يصعد الكلم الطيب " فاطر 10 ، " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين " المطففين : 18 ، وقيل : إن الجنة في السماء فالمعنى لا يؤذن لهم في صعود السماء ولا يطرق لهم إليها ليدخلوا الجنة . وقيل : لا تصعد أرواحهم إذا ماتوا كما تصعد أرواح المؤمنين . وقيل : لا تنزل عليهم البركة ولا يغاثون ففتحنا أبواب السماء . وقرئ : لا تفتح بالتشديد . ولا يفتح بالياء . ولا تفتح بالتاء والبناء للفاعل ونصب الأبواب على أن الفعل للآيات . وبالياء على أن الفعل لله D . وقرأ ابن عباس : الجمل بوزن القمل . وسعيد بن جبير : الجمل بوزن النغر وقرئ : الجمل بوزن القفل . والجمل بوزن النصب . والجمل . بوزن الحبل . ومعناها القلس الغليظ لأنه حبال جمعت وجعلت جملة واحدة وعن ابن عباس Bه : إن الله أحسن تشبيها من أن يشبه بالجمل يعني أن الحبل مناسب للخيط الذي يسلك في سم الإبرة والبعير لا يناسبه إلا أن قراءة العامة أوقع لأن سم الإبرة مثل في ضيق المسلك يقال : أضيق من خرت الإبرة . وقالوا للدليل الماهر : خريت للاهتداء به في المضايق المشبهة بأخرات الإبر . والجمل : مثل في عظم الجرم . قال : .
جسم الجمال وأحلام العصافير