" خذوا زينتكم " أي ريشكم ولباس زينتكم " عند كل مسجد " كلما صليتم أو طفتم وكانوا يطوفون عراة . وعن طاوس لم يأمرهم بالحرير والديباج وإنما كان أحدهم يطوف عريانا ويدع ثيابه وراء المسجد وإن طاف وهي عليه ضرب وانتزعت عنه لأنهم قالوا : لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها وقيل : تفاؤلا ليتعروا من الذنوب كما تعروا من الثياب . وقيل : الزينة المشط . وقيل : الطيب . والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئته للصلاة وكان بنو عامر في أيام حجهم لا يأكلون الطعام إلا قوتا ولا يأكلون دسما يعظمون بذلك حجهم فقال المسلمون : فإنا أحق أن نفعل فقيل لهم : وكلوا واشربوا ولا تسرفوا . وعن ابن عباس Bه : كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان : سرف ومخيلة . ويحكى : أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال لعلي بن الحسين بن واقد : ليس في كتابكم من علم الطب شيء . والعلم علمان علم الأبدان وعلم الأديان فقال له : قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه . قال : وما هي ؟ قال : قوله تعالى : " كلوا واشربوا ولا تسرفوا " فقال النصراني : ولا يؤثر من رسولكم شيء في الطب ؟ فقال : قد جمع رسولنا A الطب في ألفاظ يسيرة قال : وما هي ؟ قال قوله : " المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء وأعط كل بدن ما عودته " فقال النصراني : ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا .
" قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون " .
" زينة الله " من الثياب وكل ما يتجمل به " والطيبات من الرزق " المستلذات من المآكل والمشارب . ومعنى الاستفهام في من : إنكار تحريم هذه الأشياء . قيل : كانوا إذا أحرموا حرموا الشاة وما يخرج منها من لحمها وشحمها ولبنها " قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا " غير خالصة لهم لأن المشركين شركاؤهم فيها " خالصة " لهم " يوم القيامة " لا يشركهم فيها أحد . فإن قلت : هلا قيل : هي للذين آمنوا ولغيرهم . قلت : لينبه على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة وأن الكفرة تبع لهم كقوله تعالى : " ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار " البقرة : 126 ، وقرئ : " خالصة " بالنصب على الحال وبالرفع على أنها خبر بعد خبر .
" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تفعلون " .
" الفواحش " ما تفاحش قبحه أي تزايد . وقيل : هي ما يتعلق بالفروج " والإثم " عام لكل ذنب . وقيل : شرب الخمر " والبغي " الظلم والكبر أفرده بالذكر كما قال : " وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي " . " ما لم ينزل به سلطانا " فيه تهكم لأنه لا يجوز أن ينزل برهانا بأن يشرك به غيره " وإن تقولوا على الله " وأن تتقولوا عليه وتفتروا الكذب من التحريم وغيره .
" ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا تستأخرون ساعة ولا يستقدمون " .
" ولكل أمة أجل " وعيد لأهل مكة بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله كما نزل بالأمم وقرئ : " فإذا جاء آجالهم " . وقال : " ساعة " لأنها أقل الأوقات في استعمال الناس . يقول المستعجل لصاحبه : في ساعة يريد أقصر وقت وأقربه .
" يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " .
" أما يأتينكم " هي أن الشرطية ضمت إليها ما مؤكدة لمعنى الشرط . ولذلك لزمت فعلها النون الثقيلة أو الخفيفة . فإن قلت : فما جزاء هذا الشرط ؟ قلت : الفاء وما بعده من الشرط والجزاء . والمعنى : فمن اتقى وأصلح منكم والذين كذبوا منكم . وقرئ : " تأتينكم " بالتاء .
" فمن أظلم ممن أفترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا شهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين "