" مذءوما " من ذأمه إذا ذمه . وقرأ الزهري : مذوما بالتخفيف مثل مسول في مسؤل . واللام في " لمن تبعك " موطئه للقسم . و " لأملأن " جوابه وهو ساد مسد جواب الشرط " منكم " منك ومنهم فغلب ضمير المخاطب كما في قوله : " إنكم قوم تجهلون " الأعراف : 138 ، . وروى عصمة عن عاصم : " لمن تبعك " بكسر اللام بمعنى : لمن تبعك منهم هذا الوعيد وهو قوله : " لأملأن جهنم منكم أجمعين " على أن " لأملأن " في محل الابتداء و " لمن تبعك " خبره .
" ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوءتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين " .
" يا آدم " وقلنا : يا آدم . وقرئ : " هذي الشجرة " والأصل الياء والهاء بدل منها ويقال : وسوس إذا تكلم كلاما خفيا يكرره . ومنه وسوس الحلي وهو فعل غير متعد كولولت المرأة ووعوع الذئب ورجل موسوس بكسر الواو ولا يقال موسوس بالفتح ولكن موسوس له وموسوس إليه وهو الذي تلقى إليه الوسوسة . ومعنى وسوس له : فعل الوسوسة لأجله ووسوس إليه : ألقاها إليه " ليبدي " جعل ذلك غرضا له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره وأن لا يطلع عليه مكشوفا . وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور وأنه لم يزل مستهجنا في الطباع مستقبحا في العقول . فإن قلت : ما للواو المضمومة في " ورى " لم تقلب همزة كما قلبت في أو يصل ؟ قلت : لأن الثانية مدة كألف وارى . وقد جاء في قراءة عبد الله : " أورى " بالقلب " إلا أن تكونا ملكين " إلا كراهية أن تكونا ملكين . وفيه دليل على أن الملكية بالمنظر الأعلى وأن البشرية تلمح مرتبتها كلا ولا . وقرئ : ملكين بكسر اللام كقوله " وملك لا يبلى " طه : 120 . " من الخالدين " من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين . وقرئ : " من سوأتهما " بالتوحيد وسؤاتهما بالواو المشددة " وقاسمهما " وأقسم لهما " إني لكما من الناصحين " . فإن قلت : المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك تقول : قاسمت فلانا حالفته وتقاسما تحالفا . ومنه قوله تعالى : " تقاسموا بالله لنبيتنه " النمل : 49 ، . قلت : كأنه قال لهما : أقسم لكما إني لمن الناصحين وقالا له أتقسم بالله إنك لمن الناصحين فجعل ذلك مقاسمة بينهم . أو أقسم لهما بالنصحية وأقسما له بقبولها أو أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم " فدلاهما " فنزلهما إلى الأكل من الشجرة " بغرور " بما غرهما به من القسم بالله . وعن قتادة : وإنما يخدع المؤمن بالله . وعن ابن عمر Bه : أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه فكان عبيده يفعلون ذلك طلبا للعتق فقيل له : إنهم يخدعونك فقال : من خدعنا بالله انخدعنا له " فلما ذاقا الشجرة " وجدا طعمها آخذين في الأكل منها . وقيل : الشجرة هي السنبلة . وقيل : شجرة الكرم " بدت لهما سوءتهما " أي تهافت عنهما اللباس فظهرت لهما عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر . وعن عائشة Bها :