" ولتصغي " جوابه محذوف تقديره : وليكون ذلك جعلنا لكل نبي عدوا على أن اللام لام الصيرورة وتحقيقها ما ذكر . والضمير في " إليه " يرجع إلى ما رجع إليه الضمير في فعلوه أي ولتميل إلى ما ذكر من عداوة الأنبياء ووسوسة الشياطين " أفئدة " الكفار " وليرضوا " لأنفسهم " وليقترفوا ما هم مقترفون " من الآثام .
" أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين " .
" أفغير الله أبتغي حكما " على إرادة القول أي قل يا محمد : أفغير الله أطلب حاكما يحكم بيني وبينكم ويفصل المحق منا من المبطل " وهو الذي أنزل إليكم الكتاب " المعجز " مفصلا " مبينا فيه الفصل بين الحق والباطل والشهادة لي بالصدق وعليكم بالافتراء . ثم عضد الدلالة على أن القرآن حق بعلم أهل الكتاب أنه حق لتصديقه ما عندهم وموافقته له " فلا تكونن من الممترين " من باب التهييج والإلهاب كقوله تعالى : " ولا تكونن من المشركين " الأنعام : 14 ، أو " فلا تكونن من الممترين " في أن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل بالحق ولا يريبك جحود أكثرهم وكفرهم به . ويجوز أن يكون " فلا تكونن " خطابا لكل أحد على معنى أنه إذا تعاضدت الأدلة على صحته وصدقه فما ينبغي أن يمتري فيه أحد . وقيل : الخطاب لرسول الله A خطاب لأمته .
" وتمت كلمات ربك صدقا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " .
" وتمت كلمات ربك صدقا " أي تم كل ما أخبر به وأمر ونهى ووعد وأوعد " صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته " لا أحد يبدل شيئا من ذلك مما هو أصدق وأعدل . وصدقا وعدلا . نصب على الحال . وقرئ : كلمة ربك أي ما تكلم به . وقيل : هي القرآن .
" وإن تطع أكثر من في الأرض يضلونك عن سبيل الله وإن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون " .
" " وإن تطع أكثر من في الأرض " أي من الناس أضلوك لأن الأكثر في غالب الأمر يتبعون هواهم ثم قال : " إن يتبعون إلا الظن " وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق فهم يقلدونهم " إن هم إلا يخرصون " يقدرون أنهم على شيء . أو يكذبون في أن الله حرم كذا وأحل كذا .
" إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين فكوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما أضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هم أعلم بالمعتدين " .
وقرئ : من يضل بضم الياء أي يضله الله " فكلوا " مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذي يحلون الحرام ويحرمون الحلال . وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين : إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم فقيل للمسلمين : إن كنتم متحققين بالإيمان فكلوا " مما ذكر اسم الله عليه " خاصة دون ما ذكر عليه اسم غيره من آلهتهم أو مات حتف أنفه وما ذكر اسم الله عليه هو المذكى ببسم الله " وما لكم ألا تأكلوا " وأي غرض لكم في أن لا تأكلوا " وقد فصل لكم " وقد بين لكم ما حرم عليكم مما لم يحرم وهو قوله : أحرمت عليكم الميتة المائدة : 3 ، وقرئ : " فصل لكم ما حرم عليكم " على تسمية الفاعل وهو الله D " إلا ما اضطررتم إليه " مما حرم عليكم فإنه حلال لكم في حال الضرورة " وإن كثيرا ليضلون " قرئ بفتح الياء وضمها أي يضلون فيحرمون ويحللون " بأهوائهم " وشهواتهم من غير تعلق بشريعة .
" وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون " .
" ظاهر الإثم وباطنه " ما أعلنتم منه وما أسررتم . وقيل : ما عملتم وما نويتم .
وقيل : ظاهره الزنا في الحوانيت وباطنه الصديقة في السر .
" ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون "