كأنه كان مرجا في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عما تفسد بمثله صلاته فإن قلت : كيف صح أن يكون لعلي Bه واللفظ لفظ جماعة ؟ قلت : جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان وتفقد الفقراء حتى إن لزهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها .
" ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون " " فإن حزب الله " من إقامة الظاهر مقام المضمر . ومعناه : فإنهم هم الغالبون ولكنهم بذلك جعلوا أعلاما لكونهم حزب الله . وأصل الحزب ؟ القوم يجتمعون لأمر حزبهم . ويحتمل أن يريد بحزب الله : الرسول والمؤمنين . ويكون المعنى : ومن يتولهم فقد تولى حزب الله واعتضد بمن لا يغالب .
" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون " روي أن رفاعة بن زيد وسويد بن الحرث كانا قد أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما فنزلت . يعني أن اتخاذهم دينكم هزوا ولعبا لا يصح أن يقابل باتخاذكم إياهم أولياء بل يقابل ذلك بالبغضاء والشنآن والمنابذة . وفصل المستهزئين باهل الكتاب والكفار - وإن كان أهل الكتاب من الكفار - إطلاقا للكفار على المشركين خاصة . والديل عليه قراءة عبد الله : ومن الذين أشركوا . وقرئ : والكفار بالنصب والجر . وتعضد قراءة الجز قراءة أبي : ومن الكفار " واتقوا الله " في موالاة الكفار وغيرها " إن كنتم مؤمنين " حقا ؛ لأن الإيمان حقا يأبى موالاة أعداء الدين " اتخذوها " الضمير للصلاة أو للمناداة . قيل : كان رجلا من النصارى بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول : أشهد أن محمدا رسول الله قال : حرق الكاذب فدخلت خادمه بنار ذات ليلة وهو نائم فتطايرت منها شرارة في البيت فاحترق البيت واحترق هو وأهله . وقيل : فيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده " لا يعقلون " لأن لعبهم وهزؤهم من أفعال السفهاء والجهلة فكأنه لا عقل لهم .
" قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون " قرأ الحسن : هل تنقمون بفتح القاف . والفصيح كسرها . والمعنى هل تعيبون منا وتنكرون إلا الإيمان بالكتب المنزلة كلها " وأن أكثركم فاسقون " . فإن قلت : علام عطف قوله : " وإن أكثرهم فاسقون " ؟ قلت : فيه وجوه : منها أن يعطف على أن آمنا بمعنى : وما تنقمون منا إلا الجمع بين إيماننا وبين تمردكم وخروجكم عن الإيمان كأنه قيل : وما تنكرون منا إلا مخالفتكم حيث دخلنا في دين الإسلام وأنتم خارجون منه . ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف أي واعتقاد أنكم فاسقون ومنها أن يعطف على المجرور أي وما تنقمون منا إلا الإيمان بالله وبما أنزل وبأن أكثركم فاسقون . ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع أي وما تنقمون منا إلا الإيمان مع أن أكثركم فاسقون . ويجوز أن يكون تعليلا معطوفا على تعليل محذوف كأنه قيل : وما تنقمون منا إلا الإيمان لقلة إنصافكم وفسقكم واتباعكم الشهوات . ويدل عليه تفسير الحسن : بفسقكم نقمتم ذلك علينا .
" قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون " وروي :