سئل رسول الله A عنهم فضرب يده على عاتق سلمان وقال : " هذا وذووه " ثم قال : لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من أبناء فارس " يحبهم ويحبونه " محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم : وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئا وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف وما يدينون به من المحبة والعشق والتغني على كراسيهم خربها الله وفي مراقصهم عطلها الله بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء وصعقاتهم التي أين عنها صعقة موسى عند دك الطور فتعالى الله عنه علوا كبيرا ومن كلماتهم : كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته فإن الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات . ومنها : الحب شرطه أن تلحقه سكرات المحبة فإذا لم يكن ذلك لم تكن فيه حقيقة . فإن قلت : أين الراجع من الجزاء إلى الاسم المتضمن لمعنى الشرط ؟ قلت : هو محذوف معناه : فسوف يأتي الله بقوم مكانهم أو بقوم غيرهم أو ما أشبه ذلك " أذلة " جمع ذليل . وأما ذلول فجمعه ذلل . ومن زعم أنه من الذل الذي هو نقيض الصعوبة فقد غبى عنه أن ذلولا لا يجمع على أذلة فإن قلت : هلا قيل أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين ؟ قلت : فيه وجهان أحدهما أن يضمن الذل معنى الحنو والعطف كأنه قيل : عاطفين عليهم على وجه التذلل والتواضع . والثاني : أنهم مع شرفهم وعلو طبقهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم . ونحوه قوله D : " أشداء على الكفار رحماء بينهم " الفتح : 29 ، وقرئ : أذلة وأعزة بالنصب على الحال " ولا يخافون لومة لائم " يحتمل أن تكون الواو للحال على أنهم يجاهدون وحالهم في المجاهدة خلاف حال المنافقين فإنهم كانوا موالين لليهود - لعنت - فإذا خرجوا في جيش المؤمنين خافوا أولياءهم اليهود فلا يعملون شيئا مما يعلمون أنه يلحقهم فيه لوم من جهتهم . وأما المؤمنون فكانوا يجاهدون لوجه الله لا يخافون لومة لائم قط . وأن تكون للعطف على أن من صفتهم المجاهدة في سبيل الله وأنهم صلاب في دينهم إذا شرعوا في أمر من أمور الدين إنكار منكر أو أمر بمعروف مضوا فيه كالمسامير المحماة لا يرعبهم قول قائل ولا اعتراض معترض ولا لومة لائم يشق عليهم جدهم في إنكارهم وصلابتهم في أمرهم . واللومة : المرة من اللوم وفيها وفي التنكير مبالغتان كأنه قيل : لا يخافون شيئا قط من لوم أحد من اللوام . و " ذلك " إشارة إلى ما وصف به القوم من المحبة والذلة والعزة والمجاهدة وانتفاء خوف اللومة " يؤتيه " يوفق له " من يشاء " ممن يعلم أن له لطفا " وساع " كثير الفواضل والألطاف " عليم " بمن هو من أهلها .
" إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " عقب النهي عن موالاة من تجب معاداتهم ذكر من تجب موالاتهم بقوله تعالى : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " ومعنى إنما وجوب اختصاصهم بالموالاة . فإن قلت : قد ذكرت جماعة فهلا قيل : إنما أولياؤكم ؟ قلت : أصل الكلام : إنما وليكم الله فجعلت الولاية لله على طريق الأصالة ثم نظم في سلك إثباتها له إثباتها لرسول الله A والمؤمنين على سبيل التبع ولو قيل : إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا لم يكن في الكلام أصل وتبع وفي قراءة عبد الله : إنما مولاكم . فإن قلت : " الذين يقيمون " ما محله ؟ قلت : الرفع على البدل من الذين آمنوا أو على : هم الذين يقيمون . أو النصب على المدح . وفيه تمييز للخلص من الذين آمنوا نفاقا أو واطأت قلوبهم ألسنتهم إلا أنهم مفرطون في العمل " وهم راكعون " الواو فيه للحال أي يعملون ذلك في حال الركوع وهو الخشوع والإخبات والتواضع لله إذا صلوا وإذا زكوا . وقيل : هو حال من يؤتون الزكاة بمعنى يؤتونها في حال ركوعهم في الصلاة و أنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه