أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم ... ألا كل ذي لب إلى الله واسل .
" إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم " " ليفتدوا به " ليجعلوه فدية لأنفسهم . وهذا تمثيل للزوم العذاب لهم وأنه لا سبيل لهم إلى النجاة منه بوجه . وعن النبي A : " يقال للكافر يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به فيقول : نعم فيقال له : قد سئلت أيسر من ذلك " و لو مع ما في حيزه خبر إن . فإن قلت : لم وحد الراجع في قوله : " ليفتدوا به " وقد ذكر شيئان ؟ قلت : نحو قوله : .
فإني وقيار بها لغريب .
أو على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة كأنه قيل : ليفتدوا بذلك . ويجوز أن يكون الواو في مثله بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه . فإن قلت : فبم ينصب المفعول معه ؟ قلت : بما يستدعيه لو من الفعل لأن التقدير : لو ثبت أن لهم ما في الأرض . قرأ أبو واقد أن يخرجوا بضم الياء من أخرج . ويشهد لقراءة العامة قوله : بخارجين . وما يروى عن عكرمة أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس : يا أعمى البصر أعمى القلب تزعم أن قوما يخرجون من النار وقد قال الله تعالى : " وما هم بخارجين منها " فقال : ويحك اقرأ ما فوقها . هذا للكفار . فما لفقته المجبرة وليس بأول تكاذيبهم وفراهم . وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق ابن عم رسول الله A وهو بين أظهر أعضاده من قريش وأنضاده من بني عبد المطلب وهو حبر الأمة وبحرها ومفسرها بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا وبرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ما فيها مرية .
" والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير " " والسارق والسارقة " رفعهما على الابتداء والخبر محذوف عند سيبويه كأنه قيل : وفيما فرض عليكم السارق والسارقة أي حكمهما . ووجه آخر وهو أن يرتفعا بالابتداء والخبر " فاقطعوا أيديهما " ودخول الفاء لتضمنهما معنى الشرط لأن المعنى : والذي سرق والتي سرقت فاقطعوا أيديهما والاسم الموصول يضمن معنى الشرط . وقرأ عيسى بن عمر بالنصب وفضلها سيبويه على قراءة العامة لأجل الأمر لأن زيدا فاضربه أحسن من زيد فاضربه " أيديهما " يديهما ونحوه : " فقد صغت قلوبكما " التحريم : 4 ، اكتفى بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف . وأريد باليدين اليمينان بدليل قراءة عبد الله : والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم والسارق في الشريعة : من سرق من الحرز : والمقطع . الرسغ . وعند الخوارج : المنكب . والمقدار الذي يجب به القطع عشرة دراهم عند أبي حنيفة وعند مالك والشافعي رحمهما الله ربع دينار . وعن الحسن درهم وفي مواعظه : احذر من قطع يدك في درهم " جزاء " و " نكالا " مفعول لهما " فمن تاب " من السراق " من بعد ظلمه " من بعد سرقته " وأصلح " أمره بالتفصي عن التبعات " فإن الله يتوب عليه " ويسقط عنه عقاب الآخرة . وأما القطع فلا تسقطه التوبة عند أبي حنيفة وأصحابه وعند الشافعي في أحد قوليه تسقطه من يشاء من يجب في الحكمة تعذيبه والمغفرة له من المصرين والتائبين . وقيل : يسقط حد الحربي إذا سرق بالتوبة ليكون أدعى له إلى الإسلام وأبعد من التنفير عنه ولا يسقطه عن المسلم : لأن في إقامته الصلاح للمؤمنين والحياة " ولكم في القصاص حياة " البقرة : 179 . فإن قلت : لم قدم التعذيب على المغفرة ؟ قلت : لأنه قوبل بذلك تقدم السرقة على التوبة .
" يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم "