قرئ لا يحزنك بضم الياء . ويسرعون . والمعنى : لا تهتم ولا تبال بمسارعة المنافقين " في الكفر " أي في إظهاره بما يلوح منهم من آثار الكيد للإسلام ومن موالاة المشركين فإني ناصرك عليهم وكافيك شرهم . يقال : أسرع فيه الشيب . واسرع فيه الفساد بمعنى : وقع فيه سريعا فكذلك مسارعتهم في الكفر ووقوعهم وتهافتهم فيه أسرع شيء إذا وجدوا فرصة لم يخطئوها . و " آمنا " مفعول قالوا . و " بأفواههم " متعلق بقالوا لا بآمنا " ومن الذين هادوا " منقطع مما قبله خبر لسماعون أي : ومن اليهود قوم سماعون . ويجوز أن يعطف على " من الذين قالوا " ويرتفع سماعون على : هم سماعون . والضمير للفريقين . أو للذين هادوا . ومعنى " سماعون للكذب " قابلون لما يفتريه الأحبار ويفتعلونه من الكذب على الله وتحريف كتابه من قولك الملك يسمع كلام فلان . ومنه سمع الله لمن حمده " سماعون لقوم آخرين لم يأتوك " يعني اليهود الذين لم يصلوا إلى مجلس رسول الله A وتجافوا عنه لما أفرط فيهم من شدة البغضاء وتبالغ من العداوة أي قابلون من الأحبار ومن أولئك المفرطين في العداوة الذين لا يقدرون أن ينظروا إليك . وقيل : سماعون إلى رسول الله A لأجل أن يكذبوا عليه بأن يمسخوا ما سمعوا منه بالزيادة والنقصان والتبديل والتغيير سماعون من رسول الله لأجل قوم آخرين من اليهود وجهوهم عيونا ليبلغوهم ما سمعوا منه . وقيل : السماعون : بنو قريظة . والقوم الآخرون : يهود خيبر " يحرفون الكلم " يميلونه ويزيلونه " عن مواضعه " التي وضعه الله تعالى فيها فيهملونه بغير مواضع بعد أن كان ذا مواضع " إن أوتيتم هذا " المحرف المزال عن مواضعه " فخذوه " واعلموا أنه الحق واعملوا به " وإن لم تؤتوه " وأفتاكم محمد بخلافه " فاحذروا " وإياكم وإياه فهو الباطل والضلال . وروي : أن شريفا من خيبر زنى بشريفة وهما محصنان وحدهما الرجم في التوراة فكرهوا رجمهما لشرفهما فبعثوا رهطا منهم إلى بني قريظة ليسألوا رسول الله A عن ذلك وقالوا : إن أمركم محمد بالجلد والتحميم فاقبلوا وإن يأمركم بالرجم فلا تقبلوا وأرسلوا الزانيين معهم فأمرهم بالرجم فأبوا أن يأخذوا به فقال له جبريل : اجعل بينك وبينهم ابن صوريا فقال : " هل تعرفون شابا أمرد أبيض أعور يسكن فدك يقال له : ابن صوريا " ؟ قالوا : نعم وهو أعلم يهودي على وجه الأرض ورضوا به حكما . فقال له رسول الله A : " أنشدك الله الذي لا إله إلا هو الذي فلق البحر لموسى ورفع فوقكم الطور وأنجاكم وأغرق آل فرعون والذي أنزل عليكم كتابه وحلاله وحرامه هل تجدون فيه الرجم على من أحصن ؟ " قال : نعم فوثب عليه سفلة اليهود فقال : خفت إن كذبته أن ينزل علينا العذاب . ثم سأل رسول الله A عن أشياء كان يعرفها من أعلامه فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله النبي الأمي العربي الذي بشر به المرسلون وأمر رسول الله A بالزانيين فرجما عند باب مسجده " ومن يرد الله فتنته " تركه مفتونا وخذلانه " فلن تملك له من الله شيئا " فلن تستطيع له من لطف الله وتوفيقه شيئا " أولئك الذين لم يرد الله " أن يمنحهم من ألطافه ما يطهر به قلوبهم ؛ لأنهم ليسوا من أهلها لعلمه أنها لا تنفع فيهم ولا تنجع " إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله " النحل : 104 ، " كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم " آل عمران : 86 .
" سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين "