أنه قرأ سورة النساء على رسول الله A حتى بلغ قوله : " وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " فبكى رسول الله A وقال : " حسبنا " " لو تسوى بهم الأرض " لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى . وقيل : يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء وقيل : تصير البهائم ترابا فيودون حالها " ولا يكتمون الله حديثا " ولا يقدرون على كتمانه لأن جوارحهم تشهد عليهم . وقيل الواو للحال أي يودون أن يدفنوا تحت الأرض وأنهم لا يكتمون الله حديثا . ولا يكذبون في قولهم : " والله ربنا ما كنا مشركين " الأنعام : 23 ، لأنهم إذا قالوا ذلك وجحدها شركهم ختم الله على أفواههم عند ذلك وتكلمت أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك فلشدة الأمر عليهم يتمنون أن تسوى بهم الأرض : وقرئ : تسوى بحذف التاء من تتسوى . يقال : سويته فتسوى نحو : لويته فتلوى . وتسوى بإدغام التاء في السين كقوله : " يسمعون " الصافات : 8 ، وماضيه أسوى كأزكى .
" يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا " .
روي : أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أصحاب رسول الله A حين كانت الخمر مباحة فأكلوا وشربوا فلما ثملوا وجاء وقت صلاة المغرب قدموا أحدهم ليصلي بهم فقرأ : أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد فنزلت فكانوا لا يشربون في أوقات الصلوات فإذا صلوا العشاء شربوها فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر وعلموا ما يقولون . ثم نزل تحريمها . ومعنى " لا تقربوا الصلاة " لا تغشوها ولا تقوموا إليها واجتنبوها . كقوله : " ولا تقربوا الزنا " الإسراء : 32 ، " ولا تقربوا الفواحش " الأنعام : 51 ، وقيل معاه : ولا تقربوا مواضعها وهي المساجد لقوله E : " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم " وقيل : هو سكر النعاس وغلبة النوم كقوله : .
......... . ورانوا ... بسكر سناتهم كل الريون .
وقرى : سكارى بفتح السين وسكرى على أن يكون جمعا نحو : هلكى وجوعى لأن السكر علة تلحق العقل . أو مفردا بمعنى : وأنتم جماعة سكرى كقولك : امرأة سكرى وسكرى بضم السين كحبلى . على أن تكون صفة للجماعة . وحكى جناح بن حبيش : كسلى وكسلى بالفتح والضم " ولا جنبا " عطف على قوله : " وأنتم سكارى " لأن محل الجملة مع الواو النصب على الحال كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا . والجنب : يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب " إلا عابري سبيل " استثناء من عامة أحوال المخاطبين . وانتصابه على الحال . فإن قلت : كيف جمع بين هذه الحال والحال التي قبلها ؟ قلت : كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة في حال الجنابة إلا ومعكم حال أخرى تعذرون فيها وهي حال السفر . وعبور السبيل : عبارة عنه . ويجوز أن لا يكون حالا ولكن صفة لقوله جنبا أي ولا تقربوا الصلاة جنبا غير عابري سبيل أي جنبا مقيمين غير معذورين فإن قلت : كيف تصح صلاتهم على الجنابة لعذر السفر ؟ قلت : أريد بالجنب : الذين لم يغتسلوا كأنه قيل : لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين . حتى تغتسلوا إلا أن تكونوا مسافرين . وقال : من فسر الصلاة غير مغتسلين . حتى تغتسلوا إلا أن تكونوا مسافرين . وقال : من فسر الصلاة بالمسجد معناه : لا تقربوا المسجد جنبا إلا مجتازين فيه إذا كان الطريق فيه إلى الماء أو كان الماء فيه أو احتلمتم فيه . وقيل : إن رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فتصيبهم الجنابة ولا يجدون ممرا إلا في المسجد فرخص لهم . وروي :