" يريد الله ليبين لكم " أصله يريد الله أن يبين لكم فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبين كما زيدت في : لا أبالك لتأكيد إضافة الأب . والمعنى : يريد الله أن يبين لكم ما هو خفي عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم وأن يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين والطرق التي سلكوها في دينهم لتقتدوا بهم " ويتوب عليكم " ويرشدكم إلى طاعات إن قمتم بها كانت كفارات لسيآتكم فيتوب عليكم ويكفر لكم " والله يريد أن يتوب عليكم " أن تفعلوا ما تستوجبون به أن يتوب عليكم " ويريد " الفجرة " الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما " وهو الميل عن القصد والحق ولا ميل أعظم منه بمساعدتهم وموافقتهم على اتباع الشهوات . وقيل : هم اليهود . وقيل : المجوس : كانوا يحلون نكاح الأخوات من الأب وبنات الأخ وبنات الأخت فلما حرمهن الله قالوا : فإنكم تحلون بنت الخالة والعمة والخالة والعمة عليكم حرام فأنكحوا بنات الأخ والأخت فنزلت يقول تعالى يريدون أن تكونوا زناة مثلهم يريد الله أن يخفف عنكم بإحلال نكاح الأمة وغيره من الرخص " وخلق الإنسان ضعيفا " لا يصبر عن الشهوات وعلى مشاق الطاعات . وعن سعيد بن المسيب : ما أيس الشيطان من بني آدم قط إلا أتاهم من قبل النساء فقد أتى علي ثمانون سنة وذهبت إحدى عيني وأنا أعشو بالأخرى . وإن أخوف ما أخاف علي فتنة النساء . وقرئ : أن يميلوا بالياء . والضمير للذين يتبعون الشهوات . وقرأ ابن عباس : وخلق الإنسان على البناء للفاعل ونصب الإنسان وعنه Bه : ثمان آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت : " يريد الله ليبين لكم " " والله يريد أن يتوب عليكم " يريد الله أن يخفف عنكم " " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " النساء : 31 ، " إن الله لا يغفر أن يشرك به " النساء : 40 ، " إن الله لا يظلم مثقال ذرة " النساء : 48 ، " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه " النساء : 110 ، " ما يفعل الله بعذابكم " النساء : 147 .
" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا " " بالباطل " بما لم تبحه الشريعة من نحو السرقة والخيانة والغصب والقمار وعقود الربا " إلا أن تكون تجارة " إلا أن تقع تجارة . وقرئ تجارة على : إلا أن تكون التجارة تجارة . " عن تراض منكم " والاستثناء منقطع . معناه : ولكن اقصدوا كون تجارة عن تراض منكم . أو ولكن كون تجارة عن تراض غير منهي عنه . وقوله : عن تراض صفة لتجارة أي تجارة صادرة عن تراض . وخص التجارة بالذكر . لأن أسباب الرزق أكثرها متعلق بها . والتراضي رضا المتبايعين بما تعاقدا عليه في حال البيع وقت الإيجاب والقبول وهو مذهب أبي حنيفة C تعالى . وعند الشافعي C تفرقهما عن مجلس العقد متراضيين . " ولا تقتلوا أنفسكم " من كان من جنسكم من المؤمنين . وعن الحسن : لا تقتلوا إخوانكم أو لا يقتل الرجل نفسه كما يفعله بعض الجهلة .
وعن عمرو بن العاص : أنه تأوله في التيمم لخوف البرد فلم ينكر عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم . وقرأ علي Bه : ولا تقتلوا معناه أنه أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم ليكون توبة لهم وتمحيصا لخطاياهم وكان بكم يا أمة محمد رحيما حيث لم يكلفكم تلك التكاليف الصعبة . " ذلك " إشارة إلى القتل أي ومن يقدم على قتل الأنفس " عدوانا وظلما " لا خطأ ولا اقتصاصا . وقرئ : عدوانا بالكسر . ونصليه بتخفيف اللام وتشديدها . ونصليه بفتح النون من صلاة يصليه . ومنه شاة مصلية ويصليه بالياء والضمير لله تعالى أو لذلك لكونه سببا للصلي " نارا " أي نارا مخصوصة شديدة العذاب " وكان ذلك على الله يسيرا " لأن الحكمة تدعو إليه ولا صارف عنه من ظلم أو نحوه .
" إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم وندخلكم مدخلا كريما "