" كبائر ما تنهون عنه " وقرئ : كبير ما تنهون عنه أي ما كبر من المعاصي التي ينهاكم الله عنها والرسول " نكفر عنكم سيآتكم " نمط ما تستحقونه من العقاب في كل وقت على صغائركم ونجعلها كأن لم تكن لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر وصبركم عنها على عقاب السيئات . والكبيرة والصغيرة إنما وصفتا بالكبر والصغر بإضافتهما إما إلى طاعة أو معصية أو ثواب فاعلهما . والتكفير : إماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد أو بتوبة . والإحباط : نقيضه وهو إماطة الثواب المستحق بعقاب أزيد أو بندم على الطاعة . وعن علي Bه : الكبائر سبع : الشرك والقتل والقذف والزنا وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة . وزاد ابن عمر : السحر واستحلال البيت الحرام . وعن ابن عباس : أن رجلا قال له : الكبائر سبع ؟ فقال : هي إلى سبعمائة أقرب لأنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار . وروي : إلى سبعين . وقرئ : يكفر بالياء . ومدخلا بضم الميم وفتحها بمعنى المكان والمصدر فيهما .
" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن وسئلوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما " " ولا تتمنوا " نهوا عن التحاسد وعن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال لأن ذلك التفضيل قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد وبما يصلح المقسوم له من بسط في الرزق أو قبض " ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض " الشورى : 27 ، فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له علما بأن ما قسم له هو مصلحته ولو كان خلافه لكان مفسدة له ولا يحسد أخاه على حظه " للرجال نصيب مما اكتسبوا " جعل ما قسم لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرف الله من حاله الموجبة للبسط أو القبض كسبا له " وسئلوا الله من فضله " ولا تتمنوا أنصباء غيركم من الفضل ولكن سلوا الله من خزائنه التي لا تنفذ . وقيل : كان الرجال قالوا : إن الله فضلنا على النساء في الدنيا : لنا سهمان ولهن سهم واحد فنرجو أن يكون لنا أجران في الآخرة على الأعمال ولهن أجر واحد فقالت أم سلمة ونسوة معها : ليت الله كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم . فنزلت .
" ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا " " مما ترك " تبيين لكل أي : ولكل شيء مما ترك " الوالدان والأقربون " من المال جعلنا موالي وراثا يلونه ويحرزونه أو ولكل قوم جعلناهم موالي نصيب مما ترك الوالدن والأقربون على أن " جعلنا موالي " صفة لكل والضمير الراجع إلى كل محذوف والكلام مبتدأ وخبر كما تقول : لكل من خلقه الله إنسانا من رزق الله أي حظ من رزق الله أو : ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك أي وراثا مما ترك على أن من صلة موالي لأنهم في معنى الوراث وفي ترك ضمير كل ثم فسر الموالي بقوله : " الوالدان والأقربون " كأنه قيل : من هم ؟ فقيل : الوالدان والأقربون " والذين عقدت أيمانكم " مبتدأ ضمن معنى الشرط . فوقع خبره مع الفاء وهو قوله : " فآتوهم نصيبهم " ويجوز أن يكون منصوبا على قولك : زيدا فاضربه ويجوز أن يعطف على الوالدان ويكون المضمر في فآتوهم للموالي والمراد بالذين عاقدت أيمانكم : موالي الموالاة كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك وهدمي هدمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك . وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عني وأعقل عنك فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف فنسخ . وعن النبي A أنه خطب يوم الفتح فقال : " ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام " وعند أبي حنيفة : لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يتعاقلا ويتوارثا صح عنده وورث بحق الموالاة خلافا للشافعي . وقيل : المعاقدة التبني . ومعنى عاقدت أيمانكم : عاقدتهم أيديكم وماسحتموهم . وقرئ عقدت بالتشديد والتخفيف بمعنى عقدت عهودهم أيمانكم