ومنه قولهم : ما حلا منه بطائل أي بشيء يعتد به مما له فضل وخطر . ومنه الطول في الجسم لأنه زيادة فيه كما أن القصر قصور فيه ونقصان . والمعنى : ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة يبلغ بها نكاح الحرة فلينكح أمة . قال ابن عباس : من ملك ثلاثمائة درهم فقد وجب عليه الحج وحرم عليه نكاح الإماء . وهو الظاهر وعليه مذهب الشافعي C . وأما أبو حنيفة C فيقول : الغني والفقير سواء في جواز نكاح الأمة ويفسر الآية بأن من لم يملك فراش الحرة على أن النكاح هو الوطء فله أن ينكح أمة . وفي رواية عن ابن عباس أنه قال : ومما وسع الله على هذه الأمة نكاح الأمة واليهودية والنصرانية وإن كان موسرا . وكذلك قوله : " من فتياتكم المؤمنات " الظاهر أنه لا يجوز نكاح الأمة الكتابية وهو مذهب أهل الحجاز . وعند أهل العراق يجوز نكاحها ونكاح الأمة المؤمنة أفضل فحملوه على الفضل لا على الوجوب واستشهدوا على أن الإيمان ليس بشرط يوصف الحرائر به مع علمنا أنه ليس بشرط فيهن على الاتفاق ولكنه أفضل . فإن قلت : لم كان نكاح الأمة منحطا عن نكاح الحرة ؟ قلت : لما فيه من إتباع الولد الأم في الرق ولثبوت حق المولى فيها وفي استخدامها ولأنها ممتهنة مبتذلة خراجة ولاجة وذلك كله نقصان راجع إلى الناكح ومهانة والعزة من صفات المؤمنين . وقوله : " من فتياتكم " أي من فتيات المسلمين لا من فتيات غيركم وهم المخالفون في الدين . فإن قلت : فما معنى قوله : " والله أعلم بإيمانكم " ؟ قلت : معناه أن الله أعلم بتفاضل ما بينكم وبين أرقائكم في الإيمان ورجحانه ونقصانه فيهم وفيكم وربما كان إيمان الأمة أرجح من إيمان الحرة والمرأة أفضل من في الإيمان الرجل وحق المؤمنين أن لا يعتبروا إلا فضل الإيمان لا فضل الأحساب والأنساب وهذا تأنيس بنكاح الإماء وترك الاستنكاف منه " بعضكم من بعض " أي أنتم وأرقاؤكم متواصلون متناسبون لاشتراككم في الإيمان لا يفضل حر عبدا إلا برجحان فيه " بإذن أهلهن " اشتراط لإذن الموالي في نكاحهن . ويحتج به لقول أبي حنيفة : إن لهن أن يباشرن العقد بأنفسهن لأنه اعتبر إذن الموالي لا عقدهم . " وآتوهن أجورهن بالمعروف " وأدوا إليهن مهورهن بغير مطل وضرار وإحواج إلى الاقتضاء واللز . فإن قلت : الموالي هم ملاك مهورهن لا هن والواجب أداؤها إليهم لا إليهن فلم قيل : وآتوهن ؟ قلت : لأنهن وما في أيديهن مال الموالي فكان أداؤها إليهن أداء إلى الموالي . أو على أن أصله : فآتوا مواليهن فحذف المضاف " المحصنات " عفائف . والأخدان : الأخلاء في السر كأنه قيل : غير مجاهرات بالسفاح ولا مسرات له " فإذا أحصن " بالتزويج . وقرئ : أحصن " نصف ما على المحصنات " أي الحرائر " من العذاب " من الحد كقوله : " وليشهد عذابهما " النور : 2 ، " ويدرء عنها العذاب " النور : 8 ، ولا رجم عليهن لأن الرجم لا يتنصف " ذلك " إشارة إلى نكاح الإماء " لمن خشي العنت " لمن خاف الإثم الذي يؤدي إليه غلبة الشهوة . وأصل العنت : إنكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم . وقيل : أريد به الحد لأنه إذا هويها خشي أن يواقعها فيحد فيتزوجها " وأن تصبروا " في محل الرفع على الابتداء أي وصبركم عن نكاح الإماء متعففين " خير لكم " وعن النبي A : " الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت " .
" يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا "