" إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناص ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " " وضع للناس " صفة لبيت والواضع هو الله D تدل عليه قراءة من قرأ وضع للناس بتسيمة الفاعل وهو الله . ومعنى وضع الله بيتا للناس أنه جعله متعبدا لهم فكأنه قال : إن أول متعبد للناس الكعبة . وعن رسول الله A : أنه سئل عن أول مسجد وضع للناس فقال : " المسجد الحرام . ثم بيت المقدس وسئل كم بينهما ؟ قال : " أربعون سنة " . وعن علي Bه أن رجلا قال له : أهو أول بيت ؟ قال : لا قد كان قبله بيوت ولكنهأول بيت وضع للناس مباركا فيه الهدى والرحمة والبركة . وأول من بناه إبراهيم ثم بناه قوم من العرب من جرهم ثم هدم فبنته العمالقة ثم هدم فبناه قريش . وعن ابن عباس : هو أول بيت حج بعد الطوفان . وقيل : هو أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض خلقه قبل الأرض بألفي عام وكان زبدة بيضاء على الماء فدحيت الأرض تحته . وقيل : هو أول بيت بناه آدم في الأرض . وقيل : لما هبط آدم قالت له الملائكة : طف حول هذا البيت فلقد طفنا قبلك بألفي عام وكان في موضعه قبل آدم بيت يقال له : الضراح فرفع في الطوفان إلى السماء الرابعة تطوف به ملائكة السموات " للذي ببكة " البيت الذي ببكة وهي علم للبلد الحرام ومكة وبكة لغتان فيه نحو قولهم : النبيط والنميط في اسم موضع بالدهناء ونحوه من الاعتقاب : أمر راتب وراتم . وحمى مغمطة ومغبطة وقيل : مكة البلد وبكة : موضع المسجد . وقيل : اشتقاقها من بكه إذا زحمه لازدحام الناس فيها . وعن قتادة : يبك الناس بعضهم بعضا الرجال والنساء يصلي بعضهم بين يدي بعض لا يصلح ذلك إلا بمكة كأنها سميت ببكة وهي الزحمة . قال : .
إذا الشريب أخذته الأكه ... فخله حتى يبك بكه .
وقيل : تبك أعناق الجبابرة أي تدقها . لم يقصدها جبار إلا قصمه الله تعالى . " مباركا " كثير الخير لما يحصل لمن حجه واعتمره وعكف عنده وطاف حوله من الثواب وتكفير الذنوب وانتصابه على الحال من المستكن في الظرف لأن التقدير للذي ببكة هو والعامل فيه المقدر في الظرف من فعل الاستقرار " وهدى للعالمين " لأنه قبلتهم ومتعبدهم " مقام إبراهيم " عطف بيان لقوله : " آيات بينات " . فإن قلت : كيف صح بيان الجماعة بالواحد ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما أن يجعل وحده بمنزلة آيات كثيرة لظهور شأنه وقوة دلالته على قدرة الله ونبوة إبراهيم من تأثير قدمه في حجر صلد كقوله تعالى : " إن إبراهيم كان أمة " النحل : 120 ، والثاني : اشتماله على آيات لأن أثر القدم في الصخرة الصماء آية وغوصه فيها إلى الكعبين آية وإلانة بعض الصخر دون بعض آية وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء عليهم السلام آية لإبراهيم خاصة وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين وأهل الكتاب والملاحدة ألوف سنة آية . ويجوز أن يراد فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله لأن الاثنين نوع من الجمع كالثلاثة والأربعة . ويجوز أن تذكر هاتان الآيتان ويطوى ذكر غيرهما . دلالة على تكاثر الآيات كأنه قيل : فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله وكثير سواهما . ونحوه في طي الذكر قول جرير : .
كانت حنيفة أثلاثا فثلثهمو ... من العبيد وثلث من مواليها .
ومنه قوله E :