وقيل : لم يخلق غير الخفاش " الأكمه " الذي ولد أعمى وقيل : هو الممسوح العين . ويقال : لم يكن في هذه الأمة أكمه غير قتادة بن دعامة السدوسي صاحب التفسير . وروي أنه ربما اجتمع عليه خمسون ألفا من المرضى من أطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسى وما كانت مداواته إلا بالدعاء وحده . وكرر " بإذن الله " دفعا لوهم من توهم فيه اللاهوتية . وروي : أنه أحيا سام بن نوح وهم ينظرون فقالوا هذا سحر فأرنا آية فقال : يا فلان أكلت كذا ويا فلان خبئ لك كذا . وقرئ تذخرون بالذال والتخفيف " ولأحل " رد على قوله : " بآية من ربكم " أي جئتكم بآية من ربكم ولأحل لكم ويجوز أن يكون " مصدقا " مردودا عليه أيضا أي جئتكم بآية وجئتكم مصدقا . وما حرم الله عليهم في شريعة موسى : الشحوم والثروب ولحوم الإبل والسمك وكل ذي ظفر فأحل لهم عيسى بعض ذلك . قيل : أحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية له . واختلفوا في إحلاله لهم السبت . وقرئ حرم عليكم على تسمية الفاعل وهو ما بين يدي من التوراة أو الله D أو موسى عليه السلام ؛ لأن ذكر التوراة دل عليه ولأنه كان معلوما عندهم . وقرئ : حرم بوزن كرم " وجئتكم بآية من ربكم " شاهدة على صحة رسالتي وهي قوله : " إن الله ربي وربكم " لأن جميع الرسل كانوا على هذا القول لم يختلفوا فيه وقرئ بالفتح على البدل من " آية " . وقوله : " فاتقوا الله وأطيعون " اعتراض فإن قلت : كيف جعل هذا القول آية من ربه ؟ قلت لأن الله تعالى جعله له علامة يعرف بها أنه رسول كسائر الرسل حيث هداه للنظر في أدلة العقل والاستدلال . ويجوز أن يكون تكريرا لقوله : " جئتكم بآية من ربكم " أي جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم من خلق الطير والإبراء والإحياء والإنباء بالخفايا وبغيره من ولادتي بغير أب ومن كلامي في المهد ومن سائر ذلك . وقرأ عبد الله . وجئتكم بآيات من ربكم فاتقوا الله لما جئتكم به من الآيات وأطيعوني فيما أدعوكم إليه . ثم ابتدأ فقال : " إن الله ربي وربكم " ومعنى قراءة من فتح : ولأن الله ربي وربكم فاعبدوه كقوله : " لإيلاف قريش... . فليعبدوا " قريش : 1 - 3 ، ويجوز أن يكون المعنى : وجئتكم بآية على أن الله ربي وربكم وما بينهما اعتراض .
" فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " " فلما أحس " فلما علم منهم " الكفر " علما لا شبهة فيه كعلم ما يدرك بالحواس . و " إلى الله " من صلة أنصاري مضمنا معنى الإضافة كأنه قيل : من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصرونني كما ينصرني أو يتعلق بمحذوف حالا من الياء أي من أنصاري ذاهبا إلى الله ملتجئا إليه " نحن أنصار الله " أي أنصار دينه ورسوله . وحواري الرجل : صفوته وخالصته . ومنه قيل : للحضريات الحواريات لخلوص ألوانهن ونظافتهن قال : .
فقل للحواريات يبكين غيرنا ... ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح .
وفي وزنه الحوالي وهو الكثير الحيلة . وإنما طلبوا شهادته بإسلامهم تأكيدا لإيمانهم لأن الرسل يشهدون يوم القيامة لقومهم وعليهم " مع الشاهدين " مع الأنبياء الذين يشهدون لأممهم أو مع الذين يشهدون بالوحدانية . وقيل : مع أمة محمد A لأنهم شهداء على الناس " ومكروا " الواو لكفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر ومكرهم أنهم وكلوا به من يقتله غيلة " ومكر الله " أن رفع عيسى إلى السماء وألقى شبهه على من أراد اغتياله حتى قتل " والله خير الماكرين " أقواهم مكرا وأنفذهم كيدا وأقدرهم على العقاب من حيث لا يشعر المعاقب .
" إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذني اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين "