" المسيح " لقب من اولقاب المشرفة كالصديق والفاروق وأصله مشيحا بالعبرانية ومعناه المبارك كقوله : " وجعلني مباركا أينما كنت " مريم : 31 ، وكذلك " عيسى " معرب من أيشوع . ومشتقهما من المسح والعيس كالراقم في الماء . فإن قلت : " إذ قالت " بما يتعلق ؟ قلت : هو بدل من " وإذ قالت الملائكة " ويجوز أن يبدل من " إذ يختصمون " على أن الاختصام والبشارة وقعا في زمان واسع كما تقول : لقيته سنة كذا . فإن قلت : لم قيل : عيسى ابن مريم والخطاب لمريم ؟ قلت : لأن الأبناء ينسبون إلى الآباء لا إلى الأمهات فأعلمت بنسبته إليها أنه يولد من غير أب فلا ينسب إلا إلى أمه وبذلك فضلت واصطفيت على نساء العالمين . فإن قلت : لم ذكر ضمير الكلمة ؟ قلت لأن المسمى بها مذكر . فإن قلت : لم قيل اسمه المسيح عيسى ابن مريم وهذه ثلاثة أشياء : الاسم منها عيسى وأما المسيح والابن فلقب وصفة ؟ قلت : الاسم للمسمى علامة يعرف بها ويتميز من غيره فكأنه قيل : الذي يعرف به ويتميز مممن سواه مجموع هذه الثلاثة " وجيها " حال من " كلمة " وكذلك قوله : ومن المقربين ويكلم ومن الصالحين أي يبشرك به موصوفا بهذه الصفات . وصح انتصاب الحال من النكرة لكونها موصوفة . والوجاهة في الدنيا : النبوة والتقدم على الناس . وفي الآخرة الشفاعة وعلو الدرجة في الجنة . وكونه " من المقربين " رفعه إلى السماء وصحبته للملائكة . والمهد : ما يمهد للصبي من مضجعه سمي بالمصدر . و " في المهد " في محل النصب على الحال " وكهلا " عطف عليه بمعنى : ويكلم الناس طفلا وكهلا . ومعناه : يكلم الناس في هاتين الحالتين كلام الأنبياء من غير تفاوت بين حال الطفولة وحال الكهولة التي يستحكم فيها العقل ويستنبأ فيها الأنبياء . ومن بدع التفاسير أن قولها : رب نداء لجبريل عليه السلام بمعنى يا سيدي " ونعلمه " عطف على يبشرك أو على وجيها أو على يخلق أو هو كلام مبتدأ . وقرأ عاصم ونافع : ويعلمه بالياء . فإن قلت : علام تحمل : ورسولا ومصدقا من المنصوبات المتقدمة وقوله : " أني قد جئتكم " و " لما بين يديه " يأبى حمله عليها ؟ قلت : هو من المضائق وفيه وجهان : أحدهما أن يضمر له وأرسلت على إرادة القول ؛ تقديره : ونعلمه الكتاب والحكمة ويقول أرسلت رسولا بأني قد جئتكم . ومصدقا لما بين يدي . والثاني أن الرسول والمصدق فيهما معنى النطق فكأنه قيل : وناطقا بأني قد جئتكم وناطقا بأني أصدق ما بين يدي وقرأ اليزيدي : ورسول : عطفا على كلمة " أني قد جئتكم " أصله أرسلت بأني قد جئتكم فحذف الجار وانتصب بالفعل و " أني أخلق " نصب بدل من " أني قد جئتكم " أو جر بدل من آية أو رفع على : هي أني أخلق لكم وقرئ : إني بالكسر على الاستئناف أي أقدر لكم شيئا مثل صورة الطير " فأنفخ فيه " الضمير للكاف أي في ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير " فيكون طيرا " فيصير طيرا كسائر الطيور حيا طيارا . وقرأ عبد الله : فأنفخها قال : .
كالهبرقي تنحى ينفخ الفحما