" ذلك " إشارة إلى ما سبق من نبإ زكريا ويحيى ومريم وعيسى عليهم السلام يعني أن ذلك من الغيوب التي لم تعرفها إلا بالوحي . فإن قلت : لم نفيت المشاهدة وانتفاؤها معلوم بغير شبهة ؟ وترك نفي استماع الأنباء من حفاظها وهو موهوم ؟ قلت : كان معلوما عندهم علما يقينا أنه ليس من أهل السماع والقراءة وكانوا منكرين للوحي فلم يبق إلا المشاهدة وهي في غاية الاستبعاد والاستحالة فنفيت على سبيل التهكم بالمنكرين للوحي مع علمهم بأنه لا سماع له ولا قراءة . ونحوه " وما كنت بجانب الغربي " القصص : 44 ، " وما كنت بجانب الطور " القصص : 46 ، " وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم " يوسف : 102 ، " أقلامهم " أزلامهم وهي قداحهم التي طرحوها في النهر مقترعين . وقيل : هي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة اختاروها للقرعة تبركا بها " إذ يختصمون " في شأنها تنافسا في التكفل بها . فإن قلت : " أيهم يكفل " بم يتعلق ؟ قلت : بمحذوف دل عليه يلقون أقلامهم كأنه قيل : يلقونها ينظرون أيهم يكفل أو ليعلموا أو يقولون .
" إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "