أي لا ينفعه جده وحظه من الدنيا بذلك أي بدل طاعتك وعبادتك وما عندك وفي معناه قوله تعالى : " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى " سبأ : 37 ، وقرئ : وقود بالضم بمعنى أهل وقودها . والمراد بالذين كفروا من كفر برسول الله A . وعن ابن عباس : هم قريظة والنضير . الدأب : مصدر دأب في العمل إذا كدح فيه فوضع موضع ما عليه الإنسان من شأنه وحاله والكاف مرفوع المحل تقديره : دأب هؤلاء الكفرة كدأب من قبلهم من آل فرعون وغيرهم . ويجوز أن ينتصب محل الكاف بلن تغني أو بالوقود . أي لن تغني عنهم مثل ما لم تغني عن أولئك أو توقد بهم النار كما توقد بهم تقول : إنك لتظلم الناس كدأب أبيك تريد كظلم أبيك ومثل ما كان يظلمهم وإن فلانا لمحارف كدأب أبيه تريد كما حورف أبوه " كذبوا بآياتنا " تفسير لدأبهم ما فعلوا وفعل بهم على أنه جواب سؤال مقدر عن حالهم " قل للذين كفروا " هم مشركو مكة " ستغلبون " يعني يوم بدر . وقيل : هم اليهود . لما غلب رسول الله A يوم بدر قالوا : هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى وهموا باتباعه . فقال بعضهم : لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى فلما كان يوم أحد شكو . وقيل : جمعهم رسول الله A بعد وقعة بدر في سوق بني قينقاع فقال : يا معشر اليهود احذروا مثل ما نزل بقريش وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم فقد عرفتم أني نبي مرسل فقالوا لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس فنزلت . وقرئ : سيغلبون ويحشرون بالياء كقوله تعالى : " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم " الأنفال : 38 ، على قل لهم قلي لك سيغلبون . فإن قلت : أي فرق بين القراءتين من حيث المعنى ؟ قلت : معنى القراءة بالتاء الأمر بأن يخبرهم بما سيجري عليهم من الغلبة والحشر إلى جهنم . فهو إخبار بمعنى سيغلبون ويحشرون وهو الكائن من نفس المتوعد به والذي يدل عليه اللفظ ومعنى القراءة بالياء الأمر بأن يحكي لهم ما أخبره به من وعيدهم بلفظه . كأنه قال : أد إليهم هذا القول الذي هو قولي لك سيغلبون ويحشرون .
" قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار " " قد كان لكم آية " الخطاب لمشركي قريش " في فئتين التقتا " يوم بدر " يرونهم مثليهم " يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين قريبا من ألفين . أو مثلي عدد المسلمين ستمائة ونيفا وعشرين أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم وكان ذلك مددا لهم من الله كما أمدهم بالملائكة . والدليل عليه قراءة نافع : ترونهم بالتاء أي ترون يا مشركي قريش المسلمين مثلي فئتكم الكافرة أو مثلي أنفسهم . فإن قلت : فهذا مناقض لقوله في سورة الأنفال " ويقللكم في أعينهم " الأنفال : 44 . قلت : قللوا أولا في أعينهم حتى اجترؤا عليهم فلما لاقوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير في حالين مختلفين . ونظيره من المحمول على اختلاف الأحوال قوله تعالى : " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان " الرحمن : 39 ، وقوله تعالى : " وقفوهم إنهم مسؤولون " الصافات : 24 ، وتقليلهم تارة وتكثيرهم أخرى في أعينهم أبلغ في القدرة وإظهار الآية . وقيل : يرى المسلمون المشركين مثلي المسلمين على ما قرر عليه أمرهم من مقاومة الواحد الاثنين في قوله تعالى : " فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين " الأنفال : 66 ، بعد ما كلفوا أن يقاوم الواحد العشرة في قوله تعالى : " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين " الأنفال : 65 ، ولذلك وصف ضعفهم بالقلة لأنه قليل بالإضافة إلى عشرة الأضعاف وكان الكافرون ثلاثة أمثالهم . وقراءة نافع لا تساعد عليه . وقرأ ابن مصرف : يرونهم على البناء للمفعول بالياء والتاء أي يريهم الله ذلك بقدرته . وقرئ : فئة تقاتل وأخرى كافرة بالجر على البدل من فئتين وبالنصب على الاختصاص . أو على الحال من الضمير في التقتا . " رأي العين " يعني رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها معاينة كسائر المعاينات " والله يؤيد بنصره " كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو