" الطامة " الداهية التي تطم على الدواهي أي : تعلو وتغلب . وفي أمثالهم : جرى الوادي فطم على القرى وهي القيامة لطمومها على كل هائلة . وقيل : هي النفخة الثانية . وقيل : الساعة التي يساق فيها أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار " يوم يتذكر " بدل من إذا جاءت يعني : إذا رأى أعماله مدونة في كتابه تذكرها وكان قد نسيها كقوله : " أحصاه الله ونسوه " المجادلة : 6 ، و " ما " في " ما سعى " موصولة أو مصدرية " وبرزت " أظهرت وقرأ أبو نهيك وبرزت " لمن يرى " للرائين جميعا أي : لكل واحد يعني : انها تظهر إظهارا بينا مكشوفا يراها أهل الساهرة كلهم كقوله : قد بين الصبح لذي عينين يريد : لكل من له بصر ؛ وهو مثل في الأمر المنكشف الذي لا يخفى على أحد وقرأ ابن مسعود لمن رأى وقرأ عكرمة لمن ترى والضمير للجحيم كقوله : " إذا رأتهم من مكان بعيد " الفرقان : 12 وقيل : لمن ترى يا محمد .
" فأما من طغى وأثر الحياة الدنيا فغن الجحيم هي المأوى " " فأما " جواب " فإذا " أي : فإذا جاءت الطامة فإن الأمر كذلك والمعنى : فغن الجحيم مأواه كما تقول للرجل : غض الطرف تريد : طرفك وليس الألف واللام بدلا من الإضافة ولكن لما علم أن الطاغى هو صاحب المأوى وانه لا يغض الرجل طرف غيره : تركت الإضافة ؛ ودخول حرف التعريف في المأوى والطرف للتعريف لأنهما معروفان " وهي " فصل أو مبتدأ .
" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى " " ونهى النفس " الأمارة بالسوء " عن الهوى " المردي وهو اتباع الشهوات وزجرها عنه وضبطها بالصبر والتوطين على إيثار الخير . وقيل : الآتيان نزلتا في أبي عزيز بن عمير ومصعب بن عمير وقد قتل مصعب أخاه أبا عزير يوم أحد ووقى رسول الله A بنفسه حتى نفذت المشاقص في جوفه .
" يسئلونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها كأنهم يوم يرونها لن يلبثوا إلا عشية أو ضحاها " " أيان مرساها " متى إرساؤها أي إقامتها أرادوا : متى يقيمها الله ويثبتها ويكونها ؟ وقيل أيان منهاها ومستقرها كما أن مرسى الفينة مستقرها حيث تنتهي إليه " فيم أنت " في أي شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم وتعلمهم به يعني : ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء . وعن عائشة Bها : لم يزل رسول الله A يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت فهو على هذا تعجب من كثرة ذكره لها كأنه قيل : في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها . والمعنى : انهم يسألونك عنها فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها ثم قال : " إلى ربك منتهاها أي منتهى علمها لم يؤت علمها أحدا من خلقه . وقيل : " فيم " إنكار لسؤالهم أي فيم هذا السؤال ثم قيل : أنت من ذكراها أي : إرسالك وأنت خاتم الأنبياء وآخر الرسل المبعوث في نسم الساعة ذكر من ذكرها وعلامة من علاماتها فكفاهم بذلك دليلا على دنوها ومشارفتها ووجوب الاستعداد لها ولا معنى لسؤالهم عنها " إنما أنت من يخشاها " أي : لم تبعث لتعلمهم بوقت الساعة الذي لا فائدة لهم في علمه وإنما بعثت لتنذر من أهوالها من يكون من إنذارك لطفا له في الخشية منها . وقرئ منذر بالتنوين وهو الأصل ؛ والإضافة تخفيف وكلاهما يصلح للحال والاستقبال ؛ فإذا أريد الماضي فليس إلا الإضافة ؛ كقولك : هو منذر زيد أمس أي : كأنهم لم يلبثوا في الدنيا وقيل : في القبور " إلا عشية أو ضحاها " فإن قلت : كيف صحت إضافة الضحى إلى العشية ؟ قلت : لما بينهما من الملابسة لاجنماعهما في نهار واحد . فإن قلت : فهلا قيل : إلا عشية أو ضحى وما فائدة الإضافة ؟ قلت : الدلالة على أن مدة لبثهم كأنها لم تبلغ يوما كاملا ولكن ساعة منه عشيته أو ضحاه ؛ فلما ترك اليوم أضافه إلى عشيته فهو كقوله : " لم يلبثوا إلا ساعة من نهار " الأحقاف : 35 .
عن رسول الله A : من قرأ سورة والنازعات كان ممن حبسه الله في القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة المكتوبة .
سورة عبس .
مكية وآياتها42 وقيل41 .
بسم اله الرحمن الرحيم