1159 - أن مولاة لأبي عمرو بن صيفي بن هاشم يقال لها سارة أتت رسول الله A بالمدينة وهو يتجهز للفتح فقال لها : أمسلمة جئت ؟ قالت : لا . قال : أفمهاجرة جئت ؟ قالت : لا . قال : فما جاء بك ؟ قالت : كنتم الأهل والموالي والعشيرة وقد ذهبت الموالي تعني : قتلوا يوم بدر فاحتجت حاجة شديدة فحث عليها بني عبد المطلب فكسوها وحملوها وزودوها فأتاها حاطب بن أبي بلتعة وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردا واستحملها كتابا إلى أهل مكة نسخته : من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة اعلموا أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يريدوكم فخذوا حذركم فخرجت سارة ونزل جبريل بالخبر فبعث رسول الله A عليا وعمارا وعمر وطلحة والزبير والقداد وأبا مرثد - وكانوا فرسانا - وقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب إلى أهل مكة فخذوه منها وخلوها فإن أبت فاضربوا عنقها فأدركوها فجحدت وحلفت فهموا بالرجوع فقال علي Bه : والله ما كذبنا ولا كذب رسول الله وسل سيفه وقال : أخرجي الكتاب أو تضعي رأسك فأخرجته من عقاص شعرها . وروي أن رسول الله A أمن جميع الناس يوم الفتح إلا أربعة : هي أحدهم فاستحضر رسول الله حاطبا وقال : ما حملك عليه ؟ فقال : يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ؛ ولكني كنت امرأ ملصقا في قريش . وروي : عزيزا فيهم أي : غريبا ولم أكن من أنفسها وكل من معكم من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه . وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدقه وقبل عذره فقال عمر : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق ؛ فقال : " وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ففاضت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم فنزلت عدى " اتخذ " إلى مفعوليه وهما عدوي وأولياء . والعدو : فعول من عدا ؛ كعفو من عفا ؛ ولكونه زنه المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد . فإن قلت : " تلقون " بم يتعلق ؟ قلت : يجوز أن يتعلق بلا تتخذوا حالا من ضميره ؛ وبأولياء صفة له . ويجوز أن يكون استئنافا . فإن قلت : إذا جعلته صفة لأولياء وقد جرى على غير من هوله فأين الضمير البارز وهو قولك : تلقون إليهم أنتم بالمودة ؟ قلت : ذلك إنما اشترطوه في الأسماء دون الأفعال لو قيل : أولياء ملقين إليهم بالمودة على الوصف . لما كان بد من الضمير البارز ؛ والإلقاء عبارة عن إيصال المودة والإفضاء بها إليهم : يقال ألقى إليه خراشي صدره وأفضى إليه بقشوره . والباء في " بالمودة " إما زائدة مؤكدة للتعدي مثلها في " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " البقرة : 195 وإما ثابتة على أن مفعول تلقون محذوف معناه : تلقون إليهم أخبار رسول الله بسبب المودة التي بينكم وبينهم . وكذلك قوله : " تسرون إليهم بالمودة " أي : تفضون إليهم بمودتكم سرا . أو تسرون إليهم إسرار رسول الله بسبب المودة . التي بينكم وبينهم فإن قلت : " وقد كفروا " حال مماذا ؟ قلت : إما من " لا تتخذوا " وإما من " تلقون " أي : لا تتولوهم أو توادونهم وهذه حالهم . و " يخرجون " استئناف كالتفسير لكفرهم وعتوهم . أو حال من كفروا . و " أن تؤمنوا " تعليل ليخرجون أي يخرجونكم لإيمانكم و " إن كنتم خرجتم " متعلق بلا تتخذوا يعني : لا تتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي . وقول النحويين في مثله : هو شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه . و " تسرون " استئناف ومعناه : أي طائل لكم في إسراركم وقد علمتم أن الإخفاء والإعلان سيان في علمي لا تفاوت بينهما وأنا مطلع رسولي على ما تسرون " ومن يفعله " ومن يفعل هذا الإسرار فقد أخطأ طريق الحق والصواب . وقرأ الجحدري " لما جاءكم " أي : كفروا لأجل ما جاءكم بمعنى : أن ما كان يجب أن يكون سبب إيمانهم جعلوه سببا لكفرهم . " إن يثقفوكم " إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم " يكونوا لكم أعداء " خالصي العداوة ولا يكونوا لكم أولياء كما أنتم " ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء " بالقتال والشتم وتمنوا لو ترتدون عن دينكم فإذن مودة أمثالهم ومناصحتهم خطأ عظيم منكم ومغالطة لأنفسكم ونحوه قوله تعالى : " لا يألونكم