هذا تنبيه للناس وإيذان لهم بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة واتباع الشهوات : كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابهما وأن الفوز مع أصحاب الجنة ؛ فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه كما تقول لمن يعق أباه : هو أبوك تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبهه بذلك على حق الأبوة الذي يقتضي البر والتعطف . وقد استدل أصحاب الشافعي Bه بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر وأن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر .
" لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون . هو الله الذي لا إله إلا هو علام الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . " هذا تمثيل وتخييل كما مر في قوله تعالى : " إنا عرضنا الأمانة " الأحزاب : 72 وقد دل عليه قوله : " وتلك الأمثال نضربها للناس " والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره . وقرئ : " مصدعا " على الإدغام " وتلك الأمثال " إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل .
" هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم . " " الغيب " المعدوم " والشهادة " الموجود المدرك كأنه يشاهده . وقيل : ما غاب عن العباد وما شاهدوه . وقيل : السر والعلانية . وقيل : الدنيا والآخرة " القدوس " بالضم والفتح - وقد قرئ بهما - البليغ في النزاهة عما يستقبح . ونظيره : السبوح وفي تسبيح الملائكة : سبوح قدوس رب الملائكة والروح . و " السلام " بمعنى السلامة . ومنه " دار السلام " يونس : 25 " سلام عليكم " الأنعام : 54 وصف به مبالغة في وصف كونه سليما من النقائص . أو في إعطائه السلامة " والمؤمن " واهب الأمن . وقرئ : بفتح الميم بمعنى المؤمن به على حذف الجار كما تقول في قوم موسى من قوله تعالى : " واختار موسى قومه " الأعراف : 155 المختارون بلفظ صفة السبعين . و " المهيمن " الرقيب على كل شيء الحافظ له مفيعل من الأمن ؛ إلا أن همزته قلبت هاء . و " الجبار " القاهر الذي جبر خلقه على ما أراد أي أجبره و " المتكبر " البليغ الكبرياء والعظمة . وقيل : المتكبر عن ظلم عباده . و " الخالق " المقدر لما يوجده " والبارئ " المميز بعضه من بعض بالأشكال المختلفة . و " المصور " الممثل . وعن حاطب بن أبي بلتعة أنه قرأ : " البارئ المصور " بفتح الواو ونصب الراء أي : الذي يبرأ المصور أي : يميز ما يصوره بتفاوت الهيئات . وقرأ ابن مسعود : " وما في الأرض " .
عن أبي هريرة Bه : 1157 سألت حبيبي A عن اسم الله الأعظم فقال : " عليك بآخر الحشر فأكثر قراءته " فأعدت عليه فأعاد علي فأعدت عليه فأعاد علي . عن رسول الله A : 1158 " من قرأ سورة الحشر غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر " .
سورة الممتحنة .
مدنية وهي ثلاث عشرة آية .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل . إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون . " روي :