1155 - " ليس البر بإيجاف الخيل ولا إيضاع الإبل على هينتكم " ومعنى " فما أوجفتم عليه " فما أوجفتم على تحصيله وتغنمه خيلا ولا ركابا ولا تعبتم في القتال عليه وإنما مشيتم إليه على أرجلكم . والمعنى : أن ما خول الله رسوله من أموال بني النضير شيء لم تحصلوه بالقتال والغلبة ولكن سلطه الله عليهم وعلى ما في أيديهم كما كان يسلط رسله على أعدائهم فالأمر فيه مفوض إليه يضعه حيث يشاء يعني : أنه لا يقسم قسمة الغنائم التي قوتل عليها وأخذت عنوة وقهرا وذلك أنهم طلبوا القسمة فنزلت . لم يدخل العاطف على الجملة لأنها بيان للأولى فهي منها غير أجنبية عنها . بين لرسول الله A ما يصنع بما أفاء الله عليه وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم مقسوما على الأقسام الخمسة " والدولة و الدولة " - بالفتح والضم - وقد قرئ : بهما ما يدول للإنسان أي يدور من الجد . يقال : دالت له الدولة . وأديل لفلان . ومعنى قوله تعالى : " كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم " كيلا يكون الفيء الذي حقه أن يعطي الفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها جدا بين الأغنياء يتكاثرون به . أو كيلا يكون دولة جاهلية بينهم . ومعنى الدولة الجاهلية : أن الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة لأنهم أهل الرياسة والدولة الغلبة وكانوا يقولون : من عز بز . والمعنى : كيلا يكون أخذه غلبة وأثرة جاهلية . ومنه قول الحسن : اتخذوا عبادالله خولا ومال دولا يريد : من غلب منهم أخذه واستأثر به . وقيل : " الدولة " ما يتداول كالغرفة : اسم ما يغترف يعني : كيلا يكون الفيء شيئا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعاورونه فلا يصيب الفقراء والدولة - بالفتح - : بمعنى التداول أي : كيلا يكون ذا تداول بينهم . أو كيلا يكون إمساكه تداولا بينهم لا يخرجونه إلى الفقراء وقرئ : " دولة " بالرفع على " كان " التامة كقوله تعالى : " وإن كان ذو عسرة " البقرة : 280 يعني كيلا يقع دولة جاهلية ولينقطع أثرها أو كيلا يكون تداول له بينهم . أو كيلا يكون شيء متعاور بينهم غير مخرج إلى الفقراء " وما أتاكم الرسول " من قسمة غنيمة أو فيء " فخذوه وما نهاكم " عن أخذه منها " فانتهوا " عنه ولا تتبعه أنفسكم " واتقوا الله " أن تخالفوه وتتهاونوا بأوامره ونواهيه " إن الله شديد العقاب " لمن خالف رسوله والأجود أن يكون عاما في كل ما أتى رسول الله A ونهى عنه وأمر الفيء داخل في عمومه . وعن ابن مسعود Bه : أنه لقي رجلا محرما وعليه ثيابه فقال له : انزع عنك هذا فقال الرجل : اقرأ علي في هذا آية من كتاب الله . قال : نعم فقرأها عليه .
" للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون . " " للفقراء " بدل من قوله : " لذي القربى " والمعطوف عليه والذي منع الإبدال من : لله وللرسول والمعطوف عليهما وإن كان المعنى لرسول الله A أن الله عز وجل أخرج رسوله من الفقراء في قوله : " وينصرون الله ورسوله " وأنه يترفع برسول الله عن التسمية بالفقير وأن الإبدال على ظاهر اللفظ من خلاف الواجب في تعظيم الله عز وجل " أولئك هم الصادقون " في إيمانهم وجهادهم .
" والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون . " " والذين تبوءو " معطوف على المهاجرين وهم الأنصار فإن قلت : ما معنى عطف الإيمان على الدار ولا يقال : تبوؤا الإيمان ؟ قلت : معناه تبوؤا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله : علفتها تبنا وماء باردا