" في سموم " في حر نار ينفذ في المسام " وحميم " وماء حار متناه في الحرارة " وظل من يحموم . " من دخان أسود بهيم " لا بارد ولا كريم . " نفي لصفتي الظل عنه يريد : أنه ظل ولكن لا كسائر الظلال : سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه لمن يأوي إليه من أذى الحر وذلك كرمه ليمحق ما في مدلول الظل من الاسترواح إليه . والمعنى أنه ظل حار ضار إلا أن للنفي في نحو هذا شأنا ليس للإثبات . وفيه تهكم بأصحاب المشأمة وأنهم لا يستأهلون الظل البارد الكريم الذي هو لأضدادهم في الجنة . وقرئ : " لا بارد ولا كريم " بالرفع أي : لا هو كذلك و " الحنث " الذنب العظيم . ومنه قولهم : بلغ الغلام الحنث أي : الحلم ووقت المؤاخذة بالمآثم . ومنه : حنث في يمينه خلاف بر فيها . ويقال : تحنث إذا تأثم وتحرج " أو أباؤنا " دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف . فإن قلت : كيف حسن العطف على المضمر في " لمبعوثون " من غير تأكيد بنحن ؟ قلت : حسن للفاصل الذي هو الهمزة كما حسن في قوله تعالى : " ما أشركنا ولا آباؤنا " لفصل " لا " المؤكدة للنفي . وقرئ : " أو آباؤنا " وقرئ : " لمجمعون " " إلى ميقات يوم معلوم " إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم والإضافة بمعنى من كخاتم فضة . والميقات : ما وقت به الشيء أي : حد . ومنه مواقيت الإحرام : وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما " أيها الضالون " عن الهدى " المكذبون " بالبعث وهم أهل مكة ومن في مثل حالهم " من شجر من زقوم " من الأولى لابتداء الغاية والثانية لبيان الشجر وتفسيره . وأنت ضمير الشجر على المعنى وذكره على اللفظ في قوله : " منها " و " عليه " ومن قرأ : " من شجرة من زقوم " فقد جعل الضميرين للشجرة وإنما ذكر الثاني على تأويل الزقوم لأنه تفسيرها وهي في معناه " شرب الهيم " قرئ : بالحركات الثلاث فالفتح والضم مصدران . وعن جعفر الصادق Bه : أيام أكل وشرب . بفتح الشين . وأما المكسور فبمعنى المشروب أي : ما يشربه الهيم وهي الإبل التي بها الهيام وهو داء تشرب منه فلا تروى : جمع أهيم وهيماء . قال ذو الرمة : .
فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد ... صداها ولا يقضي عليها هيامها .
وقيل الهيم : الرمال . ووجهه أن يكون جمع الهيام بفتح الهاء وهو الرمل الذي لا يتماسك جمع على فعل كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض . والمعنى : أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل ؛ فإذا ملؤا منه البطون يسلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه شرب الهيم . فإن قلت : كيف صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان فكان عطفا للشيء على نفسه ؟ قلت : ليستا بمتفقتين من حيث إن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه : من تناهي الحرارة وقطع الأمعاء أمر عجيب وشربهم له على ذلك كما تشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا فكانتا صفتين مختلفتين . النزل : الرزق الذي يعد للنازل تكرما له . وفيه تهكم كما في قوله تعالى : " فبشرهم بعذاب أليم " آل عمران : 21 وكقول أبي الشعر الضبي .
وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا .
وقرئ : " نزلهم " بالتخفيف .
" نحن خلقناكم فلولا تصدقون . أفرءيتم ما تمنون . ءأ نتم تخلقونه أم نحنالخالقون . نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين . على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون . ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون . "