وقوله D : " وقليل من الأخرين . " كفى به دليلا على الكثرة وهي من الثل وهو الكسر كما أن الأمة من الأم وهو الشج كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم . والمعنى : أن السابقون من الأولين كثيرا وهم الأمم من لدن آدم عليه السلام إلى محمد A " وقليل من الأخرين . " وهم أمة محمد A . وقيل : " من الأولين " من متقدمي هذه الأمة و " من الأخرين " من متأخريها . وعن النبي A : 1120 " الثلتان جميعا من أمتي " . فإن قلت : كيف قال : " وقليل من الآخرين " ثم قال : " وثلة من الأخرين . " ؟ قلت : هذا في السابقين وذلك في أصحاب اليمين ؛ وأنهم يتكاثرون من الأولين والآخرين جميعا . فإن قلت : فقد روي أنها لما نزلت شق ذلك على المسلمين فما زال رسول الله A يراجع ربه حتى نزلت " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين " الواقعة : 39 - 40 . قلت : هذا لا يصح لأمرين أحدهما : أن هذه الآية واردة في السابقين ورودا ظاهرا وكذلك الثانية في أصحاب اليمين . ألا ترى كيف عطف أصحاب اليمين ووعدهم على السابقين ووعدهم والثاني : أن النسخ في الأخبار غير جائز وعن الحسن Bه : سابقو الأمم أكثر من سابقي أمتنا وتابعو الأمم مثل تابعي هذه الأمة . وثلة : خبر مبتدأ محذوف أي : هم ثلة " موضونة " مرمولة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت قد دوخل بعضها في بعض كما توضن حلق الدرع . قال الأعشى : ومن نسج داود موضونة وقيل : متواصلة أدنى بعضها من بعض . " متكئين " حال من الضمير في على وهو العامل فيها أي : استقروا عليها متكئين " متقابلين " لا ينظر بعضهم في أقفاء بعض . وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب " مخلدون " مبقون أبدا على شكل الولدان وحد الوصافة لا يتحولون عنه . وقيل : مقرطون والخلدة : القرط . وقيل : هم أولاد أهل الدنيا : لم تكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها . روي عن علي Bه وعن الحسن . وفي الحديث : 1121 " أولاد الكفار خدام أهل الجنة " . الأكواب : أوان بلا عرى وخراطيم والأباريق ذوات الخراطيم " لا يصدعون عنها " أي بسببها وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها . أو لا يفرقون عنها . وقرأ مجاهد : " لا يصدعون " بمعنى : لا يتصدعون لا يتفرقون كقوله : " يومئذ يصدعون " الروم : 43 ويصدعون أي : لا يصدع بعضهم بعضا لا يفرقونهم " يتخيرون " يأخذون خيره وأفضله " يشتهون " يتمنون . وقرئ : " ولحوم طير " قرئ : " وحور عين " بالرفع على : وفيها حور عين كبيت الكتاب : .
إلا رواكد جمرهن هباء ... ومشجج... ... ... ... .
أو للعطف على ولدان وبالجر : عطفا على جنات النعيم كأنه قال : هم في جنات النعيم وفاكهة ولحم وحور . أو على أكواب لأن معنى " يطوف عليهم ولدان مخلدون . " " بأكواب " ينعمون بأكواب وبالنصب على : ويؤتون حورا " جزاء " مفعول له أي : يفعل بهم ذلك كله جزاء بأعمالهم " سلاما سلاما " إما بدل من " قيلا " بدليل قوله " لا يسمعون فيها لغوا إلاسلاما " مريم : 62 وإما مفعول به لقيلا بمعنى : لا يسمعون فيها إلا أن يقولوا سلاما سلاما . والمعنى : أنهم يفشون السلام بينهم فيسلمون سلاما بعد سلام . وقرئ : " سلام سلام " على الحكاية .
" وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين . في سدر مخضود . وطلح منضود . وظل ممدود . وماء مسكوب . وفاكهة كثيرة . لا مقطوعة ولا ممنوعة . وفرش مرفوعة . إنا أنشأناهن إنشاء . عربا أترابا . لأصحاب اليمين . ثلة من الأولين . وثلة من الأخرين . "