1116 - أنه مر برجل وهو يصلي ويقول : يا ذا الجلال والإكرام فقال : " قد استجيب لك " . فإن قلت : ما النعمة في ذلك ؟ قلت : أعظم النعمة وهي مجيء وقت الجزاء عقيب ذلك .
" يسئله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " كل من أهل السموات والأرض مفتقرون إليه فيسأله أهل السموات ما يتعلق بدينهم وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم " كل يوم هو في شأن " أي كل وقت وحين يحدث أمورا ويجدد أحوالا كما روى : 1117 عن رسول الله A أنه تلاها فقيل له : وما ذلك الشأن ؟ فقال : " من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين " وعن ابن عيينه : الدهر عند الله تعالى يومان أحدهما : اليوم الذي هو مدة عمر الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء والإعطاء والمنع . والآخر : يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب . وقيل : نزلت في اليهود حين قالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا . وسأل بعض الملوك وزيره عنها فاستمهله إلى الغد وذهب كئيبا يفكر فيها فقال غلام له أسود : يا مولاي أخبرني ما أصابك لعل الله يسهل لك على يدي فأخبره فقال له : أنا أفسرها للملك فأعلمه فقال : أيها الملك شأن الله أن يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويشفي سقيما ويسقم سليما ويبتلي معافا ويعافي مبتلي ويعز ذليلا ويذل عزيزا ويفقر غنيا ويغني فقيرا ؛ فقال الأمير : أحسنت وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة فقال : يا مولاي هذا شأن الله . وعن عبد الله بن طاهر أنه دعا الحسين بن الفضل وقال له : أشكلت على ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي : قوله تعالى : " فأصبح من النادمين " المائدة : 31 وقد صح أن الندم توبة وقوله تعالى : " كل يوم هو في شأن " وقد صح أن القلم قد جف بما هو كائن إلى يوم القيامة . وقوله تعالى : " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " النجم : 39 فما بال الأضعاف ؟ فقال الحسين : يجوز أن لا يكون الندم توبة في تلك الأمة . ويكون توبة في هذه الأمة ؛ لأن الله تعالى خص هذه الأمة بخصائص لم يشاركهم فيها الأمم وقيل : إن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل ولكن على حمله وأما قوله : " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " فمعناه : ليس له إلا ما سعى عدلا ولي أن أجزيه بواحدة ألفا فضلا وأما قوله : " كل يوم هو في شأن " فإنها شؤون يبديها لا شؤون يبتدئها فقام عبد الله وقبل رأسه وسوغ خراجه .
" سنفرغ لكم أيه الثقلان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " سنفرغ لكم " مستعار من قول الرجل لمن يتهدده : سأفرغ لك يريد : سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك حتى لا يكون لي شغل سواه والمراد : التوفر على النكاية فيه والانتقام منه ويجوز أن يراد : ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها وتنتهي عند ذلك شؤون الخلق التي أرادها بقوله : " كل يوم هو في شأن " فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم فجعل ذلك فراغا لهم على طريق المثل وقرئ : " سيفرغ لكم " أي : الله تعالى " وسأفرغ لكم " و " سنغفر " بالنون مفتوحا مكسورا وفتح الراء و " سيفرغ " بالياء مفتوحا ومضموما مع فتح الراء وفي قراءة أبي " سنفرغ إليكم " بمعنى : سنقصد إليكم والثقلان : الإنس والجن سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض .
" يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " يا معشر الجن والإنس " كالترجمة لقوله : أيها الثقلان " إن استطعتم " أن تهربوا من قضائي وتخرجوا من ملكوتي ومن سمائي وأرضي فافعلوا ثم قال : لا تقدرون على النفوذ " إلا بسلطان " يعني بقوة وقهر وغلبة وأنى لكم ذلك ونحوه : " وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء " العنكبوت : 22 وروى : أن الملائكة عليهم السلام تنزل فتحيط بجميع الخلائق فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون وجها إلا وجدوا الملائكة أحاطت به . قرئ : " شواظ ونحاس " كلاهما بالضم والكسر ؛ والشواظ : اللهب الخالص . والنحاس : الدخان ؛ وأنشد : تضيء كضوء سراج السليط لم يجعل الله فيه نحاسا