وقيل : الصفر المذاب يصب على رؤوسهم . وعن ابن عباس Bهما : إذا خرجوا من قبورهم ساقهم شواظ إلى المحشر . وقرئ : " ونحس " جمع نحاس وهو الدخان نحو لحاف ولحف . وقرئ : " ونحس " أي : ونقتل بالعذاب . وقرئ : " نرسل عليكم شواظا من نار ونحاسا " " فلا تنصران " فلا تمتنعان .
" فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " وردة " حمراء " كالدهان " كدهن الزيت كما قال : " كالمهل " وهو دردي الزيت وهو جمع دهن . أو اسم ما يدهن به كالخزام والإدام . قال : .
كأنهما مزادتا متعجل ... فريان لما تدهنا بدهان .
وقيل : الدهان الأديم الأحمر . وقرأ عمرو بن عبيد " وردة " بالرفع بمعنى : فحصلت سماء وردة وهو من الكلام الذي يسمى التجريد كقوله : .
فلئن بقيت لأرحلن بغزوة ... تحوي الغنائم أو يموت كريم .
" إنس " بعض من الإنس " ولا جان " أريد به : ولا جن : أي : ولا بعض من الجن فوضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن كما يقال : هاشم ويراد ولده . وإنما وحد ضمير الإنس في قوله : " عن ذنبه " لكونه في معنى البعض . والمعنى : لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين وهي سواد الوجوه وزرقة العيون . فإن قلت : هذا خلاف قوله تعالى : " فوربك لنسألنهم أجمعين " الحجر : 92 وقوله : " وقفوهم إنهم مسؤلون " الصافات : 24 . قلت : ذلك يوم طويل وفيه مواطن فيسألون في موطن ولا يسألون في آخر قال قتادة : قد كانت مسألة ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون . وقيل لا يسأل عن ذنبه ليعلم من جهته ولكن يسأل سؤال توبيخ . وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد " ولا جأن " فرارا من التقاء الساكنين وإن كان على حده .
" يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام . فبأي ألاء ربكما تكذبان . هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون . يطوفون بينها وبين حميم أن . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " فيؤخذ بالنواصي والأقدام " عن الضحاك : يجمع بين ناصيته وقدمه في سلسلة من وراء ظهره وقيل تسحبهم الملائكة تارة تأخذ بالنواصي ؛ وتارة تأخذ بالأقدام " حميم أن " ماء حار قد انتهى حره ونضجه أي : يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم . وقيل : إذا استغاثوا من النار جعل غياثهم الحميم . وقيل : إن واديا من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال فيغمسون فيه حتى تنخلع أوصالهم ؛ ثم يخرجون منه وقد أحدث الله لهم خلقا جديدا . وقرئ : " يطوفون " منالتطويف . ويطوفون أي : يتطوفون ويطافون . وفي قراءة عبد الله : " هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليان لا تموتان فيها ولا تحييان يطوفون بينها " ونعمة الله فيما ذكره من هول العذاب : نجاة الناجي منه برحمته وفضله وما في الإنذار به من اللطف .
" ولمن خاف مقام ربه جنتان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . ذواتا أفنان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . فيهما عينان تجريان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . فيهما من كل فاكهة زوجان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان . فبأي ألاء ربكما تكذبان . " " مقام ربه " موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة " يوم يقوم الناس لرب العالمين " المطففين : 6 ونحوه : " ذلك لمن خاف مقامي " إبراهيم : 14 ويجوز أن يراد بمقام ربه : أن الله قائم عليه ؛ أي : حافظ مهيمن من قوله تعالى : " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " الرعد : 33 فهو يراقب ذلك فلا يجسر على معصيته . وقيل : هو مقحم كما تقول : أخاف جانب فلان وفعلت هذا لمكانك . وأنشد : .
ذعرت به القطا ونفيت عنه ... مقام الذئب كالرجل اللعين