" أبشرا منا واحدا " نصب بفعل مضمر يفسره " نتبعه " وقرئ : " أبشر منا واحد " على الابتداء . ونتبعه خبره والأول أوجه للاستفهام . كان يقول : إن لم تتبعوني كنتم في ضلال عن الحق وسعر : ونيران جمع سعير فعكسوا عليه فقالوا : إن اتبعناك كنا إذن كما تقول . وقيل : الضلال : الخطأ والبعد عن الصواب . والسعر : الجنون . يقال : ناقة مسعورة . قال : .
كأن بها سعرا إذا العيس هزها ... ذميل وإرخاء من السير متعب .
فإن قلت : كيف أنكروا أن يتبعوا بشرا منهم واحدا ؟ قلت : قالوا أبشرا : إنكارا لأن يتبعوا مثلهم في الجنسية وطلبوا ان يكون من جنس أعلى من جنس البشر وهم الملائكة وقالوا : " منا " لأنه إذا كان منهم كانت المماثلة أقوى وقالوا : " واحدا " إنكارا لأن تتبع الأمة رجلا واحدا . أو أرادوا واحدا من أفنائهم ليس بأشرافهم وأفضلهم ويدل عليه قولهم : " أءلقى الذكر عليه من بيننا " أي أنزل عليه الوحي من بيننا وفينا من هو أحق منه بالاختيار للنبوة " أشر " بطر متكبر حمله بطره وشطارته وطلبه التعظم علينا على ادعاء ذلك " سيعلمون غدا " عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة " من الكذاب الأشر " أصالح ام من كذبه . وقرئ : " ستعلمون " بالتاء على حكاية ما قال لهم صالح مجيبا لهم . أو هو كلام الله تعالى على سبيل الالتفات . وقرئ : " الأشر " بضم الشين كقولهم حدث وحدث . وحذر وحذر وأخوات لها . وقرئ : " الأشر " وهو الأبلغ في الشرارة . والأخير والأشر : أصل قولهم : هو خير منه وشر منه وهو أصل مرفوض وقد حكى ابن الأنباري قول العرب : هو اخير وأشر وما أخيره وما أشره " مرسلوا الناقة " باعثوها ومخرجوها من الهضبة كما سألوا " فتنة لهم " امتحانا لهم وابتلاء " فارتقبهم " فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون " واصطبر " على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمري " قسمة بينهم " مقسوم بينهم : لها شرب يوم ولهم شرب يوم . وإنما قال : بينهم تغليبا للعقلاء " محتضر " محضور لهم أو للناقة . وقيل : يحضرون الماء في نوبتهم واللبن في نوبتها " صاحبهم " قدار بن سالف أحيمر ثمود " فتعاطى " فاجترأ على تعاطي الأمر العظيم غير مكترث له فأحدث العقر بالناقة . وقيل فتعاطى الناقة فعقرها أو فتعاطى السيف " صيحة واحدة " صيحة جبريل . والهشيم ؛ الشجر اليابس المتهشم المتكسر " والمحتظر " الذي يعمل الحظيرة وما يحتظر به ييبس بطول الزمان وتتوطؤه البهائم فيتحطم ويتهشم . وقرأ الحسن بفتح الظاء وهو موضع الاحتظار أي " الحظيرة " .
" كذبت قوم لوط بالنذر . إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا ألا لوط نجيناهم بسحر . نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر . ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر . ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر . ولقد صحبهم بكرة عذاب مستقر . فذوقوا عذابي ونذر . ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر . " " حاصبا " ريحا تحصبهم بالحجارة أي : ترميهم " بسحر " بقطع من الليل وهو السدس الأخير منه . وقيل : هما سحران فالسحر الأعلى قبل انصداع الفجر والآخر عند انصداعه وأنشد : مرت بأعلى السحرين تذأل