وقرأ الحسن " الماوان " بقلب الهمزة واوا كقولهم : علباوان " على أمر قد قدر " على حال قدرها الله كيف شاء . وقيل : على حال جاءت مقدرة مستوية : وهي أن قدر ما أنزل من السماء كقدر ما أخرج من الأرض سواء بسواء . وقيل : على أمر قد قدر في اللوح أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان " على ذات ألواح ودسر " أراد السفينة وهي من الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتودي مؤداها . بحيث لا يفصل بينها وبينها . ونحوه : .
.........ولكن ... قميصي مسرودة من حديد .
أراد : ولكن قميصي درع وكذلك : ولو في عيون النازيات بأكرع أراد : ولو في عيون الجراد . ألا ترى أنك لو جمعت بين السفينة وبين الصفة أو بين الدرع والجراد وهاتين الصفتين لم يصح وهذا من فصيح الكلام وبديعه . والدسر : جمع دسار : وهو المسمار فعال من دسره إذا دفعه ؛ لأنه يدسر به منفذه " جزاء " مفعول له لما قدم من فتح أبواب السماء وما بعده أي فعلنا ذلك جزاء " لمن كان كفر " وهو نوح عليه السلام وجعله مكفورا لأن النبي نعمة من الله ورحمة . قال الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الأنبياء : 107 فكان نوح عليه السلام نعمة مكفورة ومن هذا المعنى ما يحكى أن رجلا قال للرشيد : الحمد لله عليك فقال : ما معنى هذا الكلام ؟ قال : أنت نعمة حمدت الله عليها . ويجوز أن يكون على تقدير حذف الجار وإيصال الفعل . وقرأ قتادة " كفر " أي جزاء للكافرين . وقرأ الحسن " جزاء " بالكسر : أي مجازاة . الضمير في " تركناها " للسفينة . أو للفعلة أي : جعلناها آية يعتبر بها . وعن قتادة : أبقاها الله بأرض الجزيرة . وقيل : على الجودي دهرا طويلا حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة . والمدكر : المعتبر . وقرئ : " مذتكر " على الأصل ومذكر بقلب التاء ذالا وإدغام الذال فيها . وهذا نحو : مذجر . والنذر : جمع نذير وهو الإنذار " ولقد يسرنا القرءان للذكر " أي سهلناه للادكار والاتعاظ بأن شحناه بالمواعظ الشافية وصرفنا فيه من الوعد والوعيد " فهل من " متعظ . وقيل : ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليعان عليه . ويجوز أن يكون المعنى : ولقد هيأناه للذكر من يسر ناقته للسفر : إذا رحلها ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه فألجمه . قال : .
وقمت إليه باللجام ميسرا ... هنالك يجزيني الذي كنت أصنع .
ويروى : أن كتب أهل الأديان نحو التوراة والإنجيل لا يتلوها أهلها إلا نظرا ولا يحفظونها ظاهرا كما القرآن .
" كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر . إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر . تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر . فكيف كان عذابي ونذر . ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر . " " ونذر " وإنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله . أو إنذار أتى في تعذيبهم لمن بعدهم " في يوم نحس " في يوم شؤم . وقرئ : " في يوم نحس " كقوله : " في أيام نحسات " . فصلت : 16 . " مستمر " قد استمر عليهم ودام حتى أهلكهم . أو استمر عليهم جميعا كبيرهم وصغيرهم حتى لم يبق منهم نسمة وكان في أربعاء في آخر الشهر لا تدور . ويجوز أن يريد بالمستمر : الشديد المرارة والبشاعة " تنزع الناس " تقلعهم عن أماكنهم وكانوا يصطفون آخذين أيديهم بأيدي بعض . ويتداخلون في الشعاب ويحفرون الحفر فيندسون فيها فتنزعهم وتكبهم وتدق رقابهم " كأنهم أعجاز نخل منقعر " يعني أنهم كانوا يتساقطون على الأرض أمواتا وهم جثث طوال عظام كأنهم أعجاز نخل وهي أصولها بلا فروع منقعر : منقلع عن مغارسه . وقيل : شبهوا بأعجاز النخل لأن الريح كانت تقطع رؤوسهم فتبقى أجسادا بلا رؤوس . وذكر صفة " نخل " على اللفظ ولو حملها على المعنى لأنث كما قال : " أعجاز نخل خاوية " الحاقة : 7 .
" سيعلمون غدا من الكذاب الأشر . إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر . ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر . فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر . فكيف كان عذابي ونذر . إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر . ولقد يسرنا القرءان للذكر فهل من مدكر . "