" اللات والعزى ومناوة " أصنام كانت لهم وهي مؤنثات ؛ فاللات كانت لثقيف بالطائف . وقيل : بنخلة تعبدها قريش وهي فعلة من لوى ؛ لأنهم كانوا يلوون عليها ويعكفون للعبادة . أو يلتوون عليها : أي يطوفون . وقرئ " اللات " بالتشديد . وزعموا أنه سمي برجل كان يلت عنده السمن بالسويق ويطعمه الحاج . وعن مجاهد : كان رجل يلت السويق بالطائف وكانوا يعكفون على قبره فجعلوه وثنا والعزى كانت لغطفان وهي سمرة وأصلها تأنيث الأعز .
1103 - وبعث إليها رسول الله A خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها داعية ويلها واضعة يدها على رأسها فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول : .
يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك .
ورجع فأخبر رسول الله A فقال عليه السلام تلك العزى ولن تعبد أبدا . ومناة : صخرة كانت لهذيل وخزاعة . وعن ابن عباس Bهما : لثقيف . وقرئ : " ومناءة " وكأنها سميت مناة لأن دماء النسائك كانت تمنى عندها أي : تراق ومناءة مفعلة من النوء كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها . و " الأخرى " ذم وهي المتأخرة الوضيعة المقدار كقوله تعالى : " وقالت أخراهم لأولاهم " الأعراف : 38 أي وضعاؤهم لرؤسائهم وأشرافهم . ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى . كانوا يقولون إن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله وكانوا يعبدونهم ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله تعالى مع وأدهم البنات فقيل لهم " ألكم الذكر وله الأنثى . " ويجوز أن يراد : أن اللات والعزى ومناة إناث وقد جعلتموهن لله شركاء ومن شأنكم أن تحتقروا الإناث وتستنكفوا من أن يولدن لكم وينسبن إليكم فكيف تجعلون هؤلاء الإناث أندادا لله وتسمونهن آلهة " قسمة ضيزى " جائرة من ضازه يضيزه إذا ضامه والأصل : ضوزى . ففعل بها ما فعل يبيض ؛ لتسليم الياء . وقد قرئ : " ضئزى " من ضأزه بالهمز . وضيز : بفتح الضاد " هي " ضمير الأصنام أي ما هي " إلا أسماء " ليس تحتها في الحقيقة مسميات لأنهم تدعون الإلهية لما هو أبعد شيء منها وأشده منافاة لها . ونحوه قوله تعالى : " ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها " يوسف : 40 أو ضمير الأسماء وهي قولهم اللات والعزى ومناة وهم يقصدون بهذه الأسماء الآلهة يعني : ما هذه الأسماء إلا أسماء سميتموها بهواكم وشهوتكم ليس لكم من الله على صحة تسميتها برهان تتعلقون به . ومعنى " سميتموها " سميتم بها يقال : سميته زيدا وسميته بزيد " إن يتبعون " وقرئ بالتاء " إلا الظن " إلا توهم أن ما هم عليه حق وأن آلهتهم شفعاؤهم وما تشتهيه أنفسهم ويتركون ما جاءهم من الهدى والدليل على أن دينهم باطل .
" أم للإنسان ما تمنى . فلله الأخرة والأولى . " " أم للإنسان ما تمنى . " هي أم المنقطعة ومعنى الهمزة فيها الإنكار أي : ليس للإنسان ما تمنى والمراد طمعهم في شفاعة الآلهة وهو تمن على الله في غاية البعد وقيل : هو قولهم : " ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى " فصلت : 50 وقيل : هو قول الوليد بن المغيرة " لأوتين مالا وولدا " وقيل هو تمنى بعضهم أن يكون هو النبي A فلله الآخرة والأولى أي هو مالكهما فهو يعطي منهما من يشاء ويمنع من يشاء وليس لأحد أن يتحكم عليه في شيء منهما .
" وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . " يعني : أن أمر الشفاعة ضيق وذلك أن الملائكة مع قربتهم وزلفاهم وكثرتهم واغتصاص السموات بجموعهم لو شفعوا بأجمعهم لأحد لم تغن شفاعتهم عنه شيئا قط ولم تنفع إلا إذا شفعوا من بعد أن يأذن الله لهم في الشفاعة لمن يشاء الشفاعة له ويرضاه ويراه أهلا لأن يشفع له فكيف تشفع الأصنام إليه بعبدتهم .
" إن الذين لا يؤمنون بالأخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى . وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا . ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى . "