الأحقاف : جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج وكانت عاد أصحاب عمد يسكنون بين رمال مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشجر من بلاد اليمن . وقيل : بين عمان ومهرة . و " النذر " جمع نذير بمعنى المنذر أو الإنذار " من بين يديه " عن قبله " ومن خلفه " ومن بعده . وقرئ : من بين يديه ومن بعده والمعنى : أن هودا عليه السلام قد أنذرهم فقال لهم : لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم العذاب وأعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره وعن ابن عباس Bه : يعني الرسل الذين بعثوا قبله والذين بعثوا في زمانه . ومعنى " ومن خلفه " على هذا التفسير ومن بعد إنذاره هذا إذا علقت وقد خلت النذر بقوله : أنذر قومه ولك أن تجعل قوله تعالى : " وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه " اعتراضا بين أنذر قومه وبين " ألا تعبدوا " ويكون المعنى : واذكر إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك فاذكرهم .
" قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " .
الإفك : الصرف . يقال أفكه عن رأيه " عن آلهتنا " عن عبادتها " بما تعدنا " من معاجلة العذاب على الشرك " إن كنت " صادقا في وعدك .
" قال إنما العلم عند الله وأبلغكم بما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون " .
فإن قلت : من أين طابق قوله تعالى : " إنما العلم عند الله " جوابا لقولهم : " فأتنا بما تعدنا " ؟ قلت : من حيث إن قولهم هذا استعجال منهم بالعذاب . ألا ترى إلى قوله تعالى : " بل هو ما استعجلتم به " فقال لهم : لا علم عندي بالوقت الذي يكون فيه تعذيبكم حكمة وصوابا إنما علم ذلك عند الله فكيف أدعوه بأن يأتيكم بعذابه في وقت عاجل تقترحونه أنتم ؟ ومعنى : وأبلغكم أما أرسلت به وقرئ بالتخفيف : أن الذي هو شأني وشرطي : أن أبلغكم ما أرسلت به من الإنذار والتخويف والصرف عما يعرضكم لسخط الله بجهدي ولكنكم جاهلون لا تعلمون أن الرسل لم يبعثوا إلا منذرين لا مقترحين ولا سائلين غير ما أذن لهم فيه .
" فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين " .
" فلما رأوه " في الضمير وجهان : أن يرجع إلى ما تعدنا وأن يكون مبهما قد وضح أمره بقوله " عارضا " إما تمييز وإما حالا وهذا الوجه أعرب وأفصح . والعارض : السحاب الطي يعرض في أفق السماء . ومثله : الحبى والعنان من حبا وعن : إذا عرض . وإضافة مستقبل وممطر جازية غير معرفة بدليل وقوعهما وهما مضافان إلى معرفتين وصفا للنكرة " بل هو " القول قبله مضمر والقائل : هود عليه السلام والدليل عليه قراءة من قرأ : قال هود بل هو وقرئ : قل بل ما استعجلتم به هي ريح أي قال الله تعالى : قل " تدمر كل شيء " تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجم الكثير فعبر عن الكثرة بالكلية . وقرئ يدمر كل شيء من دمر دمارا إذا هلك " لا ترى " الخطاب للرائي من كان . وقرئ : لا يرى على البناء للمفعول بالياء والتاء وتأويل القراءة بالتاء وهي عن الحسن Bه : لا ترى بقايا ولا أشياء منهم إلا مساكنهم . ومنه بيت ذي الرمة : .
وما بقيت إلا الضلوع الجراشع